إدارة الدراسات الإسلامية
EN ع

هداية الإخوان ج (2)

 
وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية
إدارة الدراسات الإسلامية
 
هداية الإخوان
في أحكام قراءة القرآن
 
من رواية حفص بن سليمان الأسدي الكوفي
المولود سنة 90 هـ والمتوفى في سنة 180 هـ
 
تأليف
محمد يونس عبدالحق                    ومجاور محمد مجاور
 
المقرر الثاني
عني بتصحيحه ومراجعته
الدكتور عبدالستار أبو غدة
 
 
 
 
 
مقدمة الجزء الثاني
الحمد الله الذي أنزل علي عبده الكتب تبيانا لكل شيء وهدي ورحمة وبشرى للمسلمين والصلاة والسلام علي سيدنا محمد أفضل من تعبد بقراءته وعلي أصحابه وأتباعه الذين نقلوا الينا القرآن مرتلا ومجودا .
أما بعد :
       فهذا هو الجزء الثاني من كتاب هداية الإخوان في أحكام تلاوة القرآن الكريم من رواية حفص بن سليمان الأسدي الكوفي راجين من ألله تعالى أن ينتفع به أهل القرآن في تجويد كلام الله تعالى وإليكم مقرر الفصلين الثالث والرابع الدراسيين :
أبواب منهج الفصل الدراسي الثالث
       ـ المد ، أنواعه وحكم كل نوع ، نظم لعدد الحروف الهجائية ، حكم حرفي اللين عند الوقف ، الوقف علي أواخر الكلم ، الروم والإشمام ، الكلمة التي يوقف عليها تنحصر في عشرة أنواع ، هاء الضمير ، الوقف والابتداء ، وقف المراقبة ، الوقف علي قوله بلى ونعم ، تقسيم الابتداء ، السكت والقطع
أبواب منهج الفصل الدراسي الرابع
       ـ المقطوع والموصول ، إثبات حروف المد وحذفها عند الوقف ، حكم الوقف على تاء التأنيث ، أسماء الجموع المختومة بالتاء ، ـ باب همز الوصل ، ما يتعين علي القارئ معرفته من مذهب حفص ، كيفية القراءة ، الاستعاذة والبسملة ، التكبير وحكمه ، الخاتمة
 
 
 
قال تعالى : (( ورتل القرآن ترتيلا ))
 
بسم الله الرحمن الرحيم
        الحمد لله الذي اصطفي من عباده المؤمنين ، حملة كتابه المبين ، وأوجب عليهم تجويده، والعمل بها فيه ، ووعدهم على ذلك جزيل فضله وإحسانه ، ووفقهم لقرائه وإقرائه ، فحفظوه وصانوه عن الزيادة والنقص ، والتقديم والتأخير ، فبينوا مخارج حروفه ، وصفاتها ، وحققوا كيفية النطق بمفرداتها ، ومركباتها ، وفرقوا بين مفخمه ، ومرققه ، ومخفاه ، ومدغمه ، وميزوا بين المقصور ، والممدود ، إلي غير ذلك من أنواع الوقف والابتداء ، والمفصول والموصول ، وما رسم بالتاء والهاء . نحمده ونستعينه ، ونشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، شهادة نرتقي بها إلي أعلي درجات الجنان ، ونشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله القائل : من أراد أن يتكلم مع الله فليقرأ القرآن ، صلي الله عليه وعلي أله وأصحابه ، الذين نقلوا القرآن كما أنزل ، وعملوا بها فيه ، وما زاغوا عن تجويده ، وأحكامه ، وآدابه وسلم تسليما كثيرا .
الفصل الثالث
(( حكم لام الحرف ))
       وأما لام الحرف فلا تكون إلا آخر الكلمة نحو "هل أتى على الإنسان، هل تعلم، هل تنقمون، هل تحس منهم، هل ثوب الكفار، بل تأتيهم بغتة، بل تحبون، بل زين، بل ظننتم" .
       وحكمها وجوب الإظهار علي الأصل في جميع الحروف، إلا إذا كان بعدها لام أوراء . فحكمها الإدغام حينئذ نحو: "هل لكم من ماملكت، فقل هل لك إلى، بل لا يخافون، بل رفعه الله إليه، بل ربكم . بل ران ".
غير أن لحفص في لام "بل ران" وجهين .
       الأول : الإدغام علي الأصل وطرد اللباب . وذلك من طريق الشاطبية .
       الثاني : الوجهان الإدغام والأظهار مع السكت عليها سكته لطيفة من غير تنفس.
من طريق طيبة النشر .
ووجه إدغامها في اللام والراء، التماثل في اللام والتقارب في الراء . والله أعلم .
المد ، أنواعه . حكم كل نوع
       إن حروف المد واللين ثلاثة : الألف اللينة، ولا يكون ماقبلها إلا مفتوحا، والواو الساكنة بشرط أن يكون ماقبلها مضموما، والياء الساكنة بشرط أن يكون ماقبلها مكسورا . وقد تأتي هذه الحروف الثلاثة مجتمعة في نحو: "أتجدلونني" ومنفردة في نحو: " قال الذي عنده علم" وفي نحو: "يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك" وتسمي هذه الحروف حروف مدولين، لامتدادها في لين وعدم كلفة ـ كما تسمي جوفية لخروجها من الخوف ، وهوائية لقيامها بهواء الفم ، وخفية لخفاء النطق بها، فهي أخفي الحروف، وأخفاهن الألف ثم الياء ثم الواو.
       وإنما خصت هذه الحروف بالمد دون غيرها لأنها أنفاس قائمة بهواء الفم، وحركاتها في غيرها فلذا قبلت الزيادة بخلاف غيرها، فإن لها حيزا محققا وحركاتها
في نفسها فلم تقبل الزيادة.
 

قال بعضهم :

جوف خلاء أو هوي في الحلق
فالجوف نختص بحرف المد
أنفاسه قامت هواء يبدي
والفم عن أهل الأدا والصدق
في غيره حركاته عن بعد
زادات علي حرف الهجا في الحد
 

       فإن كان ما قبل الواو مفتوحا نحو: "خوف، نوم، الموت" وكان ما قبل الياء مفتوحا نحو: "بيع، غير، لا ضير" كانا حرفي لين فقط ولا يمدان أصلا إلا إذا تلاهما ساكن عارض عند الوقف.

       وقد تأتي الواو والياء في سورة قريش المكية نحو: " بسم الله الرحمن الرحيم".
" لإيلف قريش. إلفهم رحلة الشتاء والصيف. فليعبدوا رب هذا البيت. الذي أطعمهم من جوع واءمنهم من خوف".
       أو ساكن لازم ولم يقع ذلك في القرآن الكريم، إلا بعد الياء وذلك في فاتحتي مريم والشورى، وسيأتي بيان ذلك كله إن شاء الله تعالى.
       وأعلم أن كل حرف مد فهو حرف لين فالمد لا ينفرد عن اللين بل يلزم من وجود المد وجود اللين، بخلاف اللين، فإنه ينفرد عن المد. إذ يلزم من كونه حرف لين أن يكون حرف مد. فإن الياء والواو الساكنين المفتوح ما قبلهما لا مد فيهما أصلا حال الوصل. فحينئذ يكون بين المد واللين عموم وخصوص مطلق يجتمعان مثلا في نحو: " الواو الساكنة المضموم ما قبلها، وينفرد اللين في الواو الساكنة المفتوح ما قبلها، ويجتمعان في الياء الساكنة المكسور ما قبلها، وينفرد اللين في الياء الساكنة المفتوح ما قبلها. فحينئذ يكون المد أخص واللين أعم".
       والخلاصة : أن الألف لا تكون إلا حرف مد ولين لسكونها وانفتاح ما قبلها دائما. وأن الواو والياء تارة يكونان حرفي مد ولين إذا جانسهما ما قبلهما بأن سكنت الواو بعد ضم وسكنت الياء بعد كسر، وتارة يكون حرفي لين فقط إذا سكنا وانفتح ما قبلهما.

 قال الأمام سليمان الجمزوري:

واللين منها إليا ووا وسكنا                        إن انفتاح قبل كل أعلنا
       ثم اعلم أن المد ينقسم إلي قسمين أصلي وفرعي.
       وعرفوا المد الأصلي بأنه الذي لا تقوم ذات حرف المد إلا به.
       ولا يتصور تحققها إلا مع وجوده ، ولا يتوقف علي سبب من سببي المد الفرعي الآتي بيانهما.
       وعلامة المد الأصلي أن لا يوجد قبل حرف المد همز ولا يوجد بعده همز ولا سكون. وإن شئت قلت: المد الأصلي هو حرف المد واللين الذي ليس قبله همز وليس بعده همز ولا سكون.
       فالألف التي ليس قبلها همز، وليس بعدها همز ولا سكون يقال لها مد أصلي ، والواو التي لا همز ولا سكون بعدها يقال لها مد أصلي . والياء التي انتفي الهمز قبلها، ولا همز ولا سكون بعدها يقال لها مد أصلي في نحو: ”يعبدونني لا يشركون بي شيئا" في سورة النور، ونحو قوله تعالى: "لقد كان في يوسف " في سورة يوسف، لأن كل حرف مد ولين منها لم يسبق يهمز ولم يلحق بهمز ولا سكون.
       وهذا المد الأصلي له ثلاث أحوال:
       الأولي : أن يكون ثابتا في الحالين وصلا ووقفا نحو: "أتجدلونني".
       الثانية : أن يكون ثابتا وصلا محذوفا وقفا نحو: " بيده ملكوت، ومن يأته مؤمنا، لقومه يقوم ، هذه ناقة الله " فإن حروف المد في هذه المثل لا يتحقق إلا حال الوصل.
       الثالثة : أن يكون ثابتا وقفا محذوفا وصلا وذلك إذا كان حرف المد مبدلا من التنوين عند الوقف كالوقف علي " حكيماً، أحداً، حسيباً ". فإن التنوين في هذه الأمثلة ونحوها، يبدل حرف مد ألفا عند الوقف ويحذف عند الوصل. قال ابن مالك:
       وأبدلنها بعد فتح ألفا                              وقفا كما تقول في قفا قفا
وقد اجتمعت هذه الأمثلة الثلاثة. المد وصلا ووقفتا في قوله تعالى: " اتقوا ربكم " ووقفا فقط في قوله تعالى: " واتقوا الله ".
       أما المبدلة من التنوين نحو: " عليكم رقيبا " وهذه الأمثلة في الآية الأولى من سورة النساء .
       وكذلك إذا كان بعد حرف المد ساكن في كلمة أخرى، فإن حرف المد حينئذ يثبت وقفا لا وصلا. نحو " وقالا الحمد لله ، وقالوا اتخذ ، أفي الله شك " وكما سمى هذا المد، المد الأصلي يسمى أيضا المد الطبيعي أو المد الذاتي، وقد علل العلماء تسميته أصليا لأنه أصل للمد الفرعي، وطبيعيا لأن صاحب الطبيعة السليمة لا يزيد عن حده المقرر له ، ولا ينقصه عنه ،وذاتيا لأن ذات الحرف لا تتحقق إلا به . ألا تري أن حرف المد لا يوجد علي اللسان إلا بإطالة الصوت بمقدار حركتين، فإن نقص عن ذلك ذهب.
فلذا وجب مده بهذا المقدار حتى تتحقق ذاته.
وحكم هذا المد أنه يمد وجوبا بمقدار ألف. والألف حركتان لا يزاد عليهما، ولا ينقص عنهما. والحركة بمقدار قبض الأصبع أو بسطه بحال وسط بين الإسراع والتأني، ويلحق بهذا المد في مده مقدار حركتين المد المنفصل ومد البدل والمد العارض للسكون في حال قصر كل منها.
وإن كان فيها الهمز والسكون لأنهما سببان لزيادة المد علي مقدار المد الأصلي، وليسا سببين لأصلي المد كما سيأتي.
 
قال الجمزوري رحمه الله :
والمد أصلي وفرعي له
ما لا توقف له علي سبب
بل أي حرف غير همز أو سكون
والآخر الفرعي موقوف علي
حروفه ثلاثة فعيها
والكسر قبل الياء وقبل الواو ضم
واللين منها اليا واو سكنا
وسم أو لا طبيعيا وهو
ولا بدونه الحروف تجتلب
جاء بعد مد فالطبيعي يكون
سبب كهمز أو سكون مسجلا
من لفظ وآي وهي في نوحيها
شرط وفتح قبل ألف يلتزم
إن انفتاح قبل كل أعلنا
 
 وأما المد الفرعي : فهو إطالة الصوت بحرف المد عند ملاقاة همز أو سكون أو هو الذي يتوقف علي سبب من همز أو سكون ، وتتحقق حروف المد بدونه وإن شئت قلت: المد الفرعي: هو حرف المد واللين الذي سبقه همز أو سكون ، وسمي فرعيا، لتفرعه من الأصلي نظرا إلي قيام حرف المد بدونه، وإلي توقفه علي سبب.
وللمد الفرعي سببان، وهما موجبا المد. هما الهمزـ سواء كان قبله أم بعده ـ والسكون سواء كان أصليا أم عارضا ، وهما سببان لزيادة مقدار المد الفرعي علي مقدار المد الأصلي . سواء كانت تلك الزيادة واجبة، وذلك في المد المتصل واللازم، أم جائزة، وذلك في المد المنفصل والبدل والعارض للسكون.
والهمز سبب لثلاثة أنواع . البدل ، والمتصل ، والمنفصل.
والسكون سبب لفرعين. اللازم، والعارض للسكون.
وذلك أن الهمز إما أن يكون سابقا علي حرف المد أو لاحقا له.
فإن كان سابقا عليه فهو مد البدل ، وإن كان لاحقا له، فإن كان معه في كلمة فهو المتصل ، وإن كان في كلمة أخري فهو المنفصل، وأما السكون فلا يكون إلا لاحقا لحرف المد، فإن كان ثابتا في الحالين فهو اللازم، وإن كان في الوقف فقط فهو العارض.
 

قال الجمزوري :

والآخر الفرعي موقوف علي                            سبب كهمز أو سكون مسجلا
 

       وبناء علي هذا يكون الفرعي خمسة أنواع، وإليك بيانها علي هذا الترتيب.

النوع الأول : مد البدل :
   وهو الذي يكون قبل حرف المد همز ولا يكون بعده همز ولا سكون نحو: " ءامن، أوتي، إيمانا " وسمي مد البدل لأن حرف المد فيه بدل مد الهمزة الساكنة، أو لإبدال همزته الثانية حرف مد، ذلك أن أصل ءامن ءأمن بهمزتين الأولي مفتوحة والثانية ساكنة، فأبدلت الهمزة الثانية ساكنه ، فأبدلت الهمزة الثانية الساكنة حرف مد ألفا لأنها من جنس حركة ما قبلها، وأصل "أوتي" أؤتي بهمزتين. الأولي مضمومة والثانية ساكنة، فأبدلت الثانية حرف مد واوا لأنها من جنس حركة ما قبلها، وأصل "إيمانا" إئمانا بهمزتين الأولي مكسورة والثانية ساكنة فأبدلت الثانية حرف مد ياء لكونها مجانسة لحركة ما قبلها ، وهذه التسمية باعتبار الغالب والكثير . فإن من أمثلة مد البدل ما لا يكون حرف المد فيه بدلا من الهمز مثل : قرءان ، إسراءيل، مسؤلا".
وحكم هذا النوع. جواز قصره بمقدار حركتين وتوسطه بمقدار أربع حركات ، ومده بمقدار ست حركات. غير أن حفصا ليس له فيه إلا القصر، وأما التوسط والمد فهو مذهب ورش من طريق الأزرق.
ووجه قصره ضعف سببه بكونه متقدما علي حرف المد، ووجه توسطه ومده عند ورش القياس علي المدين المتصل والمنفصل بجامع أن كلا حرف مد مجاور للهمز ـ سواء تقدم الهمز ـ أم تأخر.
النوع الثاني : المد المتصل . 
       وهو أن يأتي بعد حرف المد همز متصل به في كلمة واحدة سواء كان الهمز في وسط الكلمة نحو: "المليكة، السرآئر، ليسئوا وجوهكم، السوأى أن كذبوا، هنيئا مريئا" أم كان في آخرها نحو: " يشاء ، السفهاء، قروء، بالسوء، النسيء، يضيء".
وسمي هذا المد متصلا لاتصال حرف المد بالهمز أو اتصال الهمز بحرف المد ـ وكلا التعبيرين واحد ـ في كلمة واحدة ـ وحكمه وجوب المد زيادة علي مقدار المد الأصلي ولكون حكمه وجوب المد .
       سمي المد الواجب . وهذا بإجماع القراء لا خلاف بينهم فيه، قال المحقق ابن الجزري في نشره : تتبعت قصر المتصل فلم أجده في قراءة صحيحة ولا شاذة. أهـ.
       غير أنه مختلف في مقدار تلك الزيادة. والذي تعنينا معرفته من هذا الخلاف أن حفصا يمده بمقدار أربع حركات أو خمس حركات من طريق الحرز. ويجوز له من طريق الطيبة مده بمقدار ست حركات. وحكمه وجوب مده زيادة علي مقدار المد الأصلي أن حرف المد ضعيف خفي، والهمز صعب قوي ، فزيد في المد تقوية للضعيف عند مجاورة القوي، وتوصلا إلي النطق بالهمز علي حقه نظرا لشدته . وجهره .
       وقال بعضهم : يجب المد ليستعان به علي النطق بالهمزة وليكونا صونا لحرف المد عن أن يسقط عند الإسراع في القراءة لخفائه ، وصعوبة النطق بالهمزة أهـ .
وأعلم أنه يجب علي القاريء التسوية في المد، فإذا كان يقرأ بمد المتصل أربع حركات أو
خمسا، وجب عليه أن يسير في جميع قراءته علي هذا المقدار في جميع المدود المتصلة، ولا يجوز له أن يفاوت بينها فيمد بعضها أربع حركات وبعضها خمس حركات، فإن ذلك وإن لم يكن حراما ولا مكروها شرعا فهو معيب عند أئمة القراءة ومناف لجودة التلاوة.
 
 
النوع الثالث : المد المنفصل :
       وهو أن يأتي بعد حرف المد همز، ويكون حرف المد في كلمة والهمز في أول الكلمة التي تليها ، سواء كان حرف المد ثابتا لفظا ورسما نحو : " بمآ أنزل، فلمآ أضآءت، قولوآ ءامنا بالله، قوآ أنفسكم ، في أمها رسولا، ربي أعلم " أم كان حرف مد ثابتا في اللفظ دون الرسم نحو: " يِأيها هأنتم، وله أسلم، أمره إلي الله، يؤده إليك، به إلا أن يحاط بكم" وسمي هذا النوع منفصلا لانفصال حرف المد عن الهمز في كلمتين، أو لانفصال الهمز عن حرف المد. والمعني واحد.
       وحكمه جواز قصره بمقدار حركتين ، وتوسطه بمقدار أربع حركات، أو خمس غير أن القصر لحفص لم يكن من طريق الحرز بل من طريق الطيبة.
ولكون حكمه جواز القصر والتوسط، سمي المد الجائز ، ووجه مده أربعا أو خمسا ما تقدم في وجه مد المتصل كذلك . أما وجه قصره فهو تعرض الهمز للزوال عند الوقف علي الكلمة التي فيها حرف المد.
       قال في نهاية القول المفيد :
       ووجه القصر أن الهمز لما كان فيه بصدد الزوال في حال الوقف لم يعط في حال الثبات حكما بخلاف المتصل فإن الهمز فيه لازم وقفا ووصلا أهـ .
       وقال ملا علي في شرح الجزرية : وأما وجه القصر فهو إلغاء أثر الهمز لعدم لزومه، باعتبار حال الوقف، فإن العارض بمنزلة المعدوم أهـ . ويؤخذ من هذين النصين أنه إذا وقف علي الكلمة التي فيها حرف المد، لا يجوز حينئذ في حرف المد إلا القصر بمقدار حركتين لزوال سبب الزيادة علي هذا المقدار، وعدم الموجب لها .
       قال صاحب العقد الفريد :
وينبغي أن يعلم أن الوقف علي يا من "يأتها" وها من "هأنتم" و"هؤلاء" لا يجوز لأنها كلمة عرفية لا يفصل بعضها من بعض أهـ . ويجب علي القارىء أن يسوي في المدود المنفصلة، فلا يمد بعضها بمقدار آخر كما تقدم مثل ذلك في المد المتصل .
       كما يجب عليه التسوية بين المد المنفصل والمد المتصل، فإذا مد المنفصل بمقدار أربع حركات، يجب عليه أن يمد المتصل بهذا المقدار ,إذا مد المنفصل خمس حركات، وجب عليه أن يمد المتصل كذلك ولا تجوز التفرقة بين المدين بحال .
 

النوع الرابع : المد اللازم

       وهو أن يأتي بعد حرف ساكن سكونه لازم وصلا ووقفا، علي أن يكون حرف المد والحرف الساكن في كلمة نحو: "فمن حآجك، تأمروَني، الطآمة" أو في حرف نحو: "صَ، قَ، نَ" فإذا كان حرف المد في كلمة والحرف الساكن في كلمة أخري ، فإن حرف المد يتعين حذفه حينئذ نحو: "وقالا الحمد لله، وقالوا أتخذ، والمقيمي الصلوة " وسمي هذا النوع المد اللازم للزوم سببه وهو السكون حالي الوصل والوقوف أو للزوم مده بمقدار ست حركات عند جميع القراء .
       والإمام المحقق ابن الجزري ، يسمي هذا النوع المد الساكن اللازم قال في النشر، وأما المد الساكن اللازم في قسميه، ويقال له أيضا المد اللازم، إما علي تقدير حذف مضاف، أي اللازم سكونه ، فحذف المضاف واتصل الضمير، فيكون من باب الحذف والإيصال، أو لكونه يلزم في كل قراءة علي قدر واحد. ويقال له أيضا مد العدل، لأنه يعدل حركة تفصل بين الساكنين، فإن القراء مجمعون علي مده مدا مشبعا قدرا واحدا من غير إفراط، ولا نعلم بينهم في ذلك خلافا سلفا ولا خلفا أهـ . بشيء من الإيضاح.
وأقسام المد اللازم أربعة
القسم الأول : الكلمى المثقل :
       وهو الذي يكون فيه بعد حرف المد حرف ساكن سكونه لازم في كلمة مع إدغام ذلك الحرف الساكن في غيره ، فيصير حرفا مشددا. وهذا القسم يكون أول السورة نحو:" والصآفات، الحآقة، ويكون وسطها نحو:" وحجه، الصاخة" ويكون آخرها. وذلك في: " ولا الضآلين" وليس له ثان في القرآن الكريم. وسمي هذا القسم كلميا لاجتماع المد مع السكون في كلمة ، ومثقلا لكونه مدغما.
القسم الثاني : الكلمي المخفف : 
       وهو الذي يكون فيه بعد حرف المد حرف ساكن سكونه لازم في كلمة من غير إدغام هذا الحرف في غيره، ولم يتحقق هذا القسم إلا في كلمتين وهما:"ءآلن وقد كنتم، ءآلن وقد عصيت " وكلتاهما في سورة يونس. وسمي هذا القسم كلميا لما تقدم في القسم الأول، ومخففا لانتفاء الإدغام فيه.
       وقد جمع المد اللازم بقسميه ابن عبدالحق فقال :
واللازم الكلمي إن خففا                          في يونس الأن ثنتان اعرفا
 
 
 
 

المد اللازم الكلمي

المخفف والمثقل

 
واللازم الكلمى إن قد خففا
في يونس آلان ثنتا فاعرفا
واللازم الكلمى إن قد ثقلا
أخرى السور أو في الوسط أو أولا
أخرى السور لم يأت إلا في الصلا
في آخر السبع المثاني ثقلا
أولى السور الحاقة والصافات
وسط السور في أكثر الآيات
واللازم الكلمى إن قد ثقلا
وسط السور في النظم قد قال الملا
في سورة البقرة تسع قد أتت
الأنعام قل مع قد سمع سبع ثبت
في آل عمران ست قد أتى
في سورة الرحمن خمس يا فتى
في سورة الأنفال قل ثم الولا
مع نحلهم كل بأربعة جلا
يونس بها والنمل من قبل القصص
ثلاثة قل في ثلاثتها ينص
 

ثنائي

 
هو وحج مع قد افلح ظلة
حجر الزمر نور وشورى آية
من بعد ذا الواقعة ما الحاقة
فاطر كذا ذبج وحشر ثمئت
في ست من بعد عشر مفرد
قل في النساء والمائدة ياسيد
عنكب مع اللقمان قالوا غافر
والجاثية ملك القلم كن حاضر
ومع الطلاق الساهرة ثم الولا
تطفيف فجر والضحى حقا جلا
ومحمد صلي عليه الله والملك العلا
وجميع خلق الله حقا تفضلا
 
 

 
المد اللازم في القرآن الكريم
سورة الفاتحة
 
1-     قوله تعالى : "صراط الذين أنعمتعليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين" ولا ثاني لها في القرآن الكريم في أواخر السور .
 
سورة البقرة
1- قوله تعالى : " ليحآجوكم به عند ربكم " آية رقم" 76".
2- قوله تعالى : " وماهم بضآرين به من أحد " آية رقم "102".
3- قوله تعالى : " قل أتحآجوننا في الله " آية رقم "139".
4- قوله تعالى : " وبث فيها من كل دآبة " آية رقم"164".
5- قوله تعالى : " وإن كنتم من قبله لمن الضآلين " آية رقم " 198".
6- قوله تعالى : " يأيها الذين ءامنوا ادخلوا في السلم كآفة " آية رقم "208".
7- قوله تعالى : " لا تضآر والدة بولدها " آية رقم "233".
8- قوله تعالى : " ألم تر إلي الذي حآج إبرهم في ربه" آية رقم "258".
9- قوله تعالى : " ولا بضاَر كاتب ولا شهيد " آية رقم "282".
 
سورة آل عمران
1- قوله تعالى : " فإن حآجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن" آية رقم "20".
2- قوله تعالى : " فمن حآجك فيه من بعد ما جاءك من العلم" آية رقم "61".
3- قوله تعالى : " يأهل الكتب لم تحآجون في إبراهيم" آية رقم "65".
4- قوله تعالى : " فلم تحآجون فيما ليس لكم به علم " آية رقم "66".
5- قوله تعالى : " أو يحآجوكم عند ربكم" آية رقم "73".
6- قوله تعالى : " وأولئك هم الضآلون" آية رقم "90".
 
سورة النساء
1-    قوله تعالى : " من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضآر" آية رقم "12".
 
سورة المائدة
1-    قوله تعالى : " ولا ءآمين البيت الحرام" آية رقم "2".
 
سورة الأنعام
1- قوله تعالى : " وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه" آية رقم "38".
2- قوله تعالى : " فلما أفل قال لن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضآلين" آية رقم "77".
3- قوله تعالى : " وحآجه قومه" آية رقم "80".
5،4 – قوله تعالى : " قال أتحآجوني في الله وقد هدن" آية رقم "80".
6- قوله تعالى : " قل ءآلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم". آية رقم "143".
7- قوله تعالى : " قل ءآلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء" آية رقم "144".
 
سورة الأنفال
1- قوله تعالى : " ذلك بأنهم شآقوا الله ورسوله" آية رقم " 13".
2- قوله تعالى : " إن شر الدوآب عند الله الصم البكم" آية رقم "22".
3- قوله تعالى : " واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خآصة" آية رقم "25".
4- قوله تعالى : " إن شر الدوآب عند الله الذين كفروا" آية رقم "55".
 
سورة التوبة
1- قوله تعالى : " أجعلتم سقاية الحآج" آية رقم "19".
2- قوله تعالى : " وقتلوا المشركين كآفة ". آية رقم "36" .
3- قوله تعالى : " كما يقتلونكم كآفة ". آية رقم "36".
4- قوله تعالى : " وما كان المؤمنون لينفروا كآفة". آية رقم "122".
 
سورة يونس
1- قوله تعالى : " ءآلئن وقد كنتم به تستعجلون" آية رقم "51".
وهو مد لازم كلي مخفف. وهو أيضا الموضوع الأول في الكلمي المخفف.
2- قوله تعالى : " قل ء آلله أذن لكم" آية رقم "59".
3- قوله تعالى : " ولا تتبعآن سبيل الذين لا يعلمون" آية رقم "89".
4- قوله تعالى : " ءآلئن وقد عصيت قبل " آية رقم "91".
وهو الموضوع الثاني في الكلي المخفف وليس في القرآن غيرهما.
5- قوله تعالى : " فلا رآد لفضله" آية رقم "107".
 
سورة هود
1- قوله تعالى : " وما من دآبة في الأرض إلا علي الله رزقها" آية رقم "6".
2- قوله تعالى : " مامن دآبة إلا هو إاخذ بناصيتها" آية رقم "56".
 
سورة الحجر
1- قوله تعالى : " والجآن خلقنه" آية رقم "27".
2- قوله تعالى : " قال ومن يقنط من رحمة إلا الضآلون" آية رقم "56".
 
سورة النحل
1- قوله تعالى : " ويقول أين شركآءى الذين كنتم تشآقون فيهم" أية رقم " 27".
2- قوله تعالى : " ولله يسجد مافي السموات وما في الأرض منت دآبة" آية رقم "49".
3- قوله تعالى : " ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ماترك عليها من دآبة ولكن يؤخرهم إلي أجل مسمى " آية رقم " 61".
4- قوله تعالى : " فما الذين فضلوا برادي رزقهم " آية رقم "71".

 
سورة الحج
1- قوله تعالى : " ألم تر أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدوآب وكثير من الناس" آية رقم " 18".
2- قوله تعالى : " فاذكروا اسم الله عليها صواف" آية رقم "36".
 
سورة المؤمنون
1- قوله تعالى : " قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضآلين" آية رقم "106".
2- قوله تعالى : " قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين" آية رقم "113".
 
سورة النور
1- قوله تعالى : " ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صفت" آية رقم "41".
2- قوله تعالى : " والله خلق كل دآبة من ماء" آية رقم "45".
 
سورة الشعراء
1- قولة تعالى : " قال فعلتها إذا وأنا من الضآلين" آية رقم "20" .
2- قولة تعالى : " واغفر لأبي إنه كان من الضآلين" آية رقم "86".
 
سورة النمل
1- قولة تعالى : " فلما رءاها تهتز كأنها جآن" آية رقم "10".
2- قولة تعالى : " ءآلله خيراً ما يشركون" آية رقم "59" .
3- قوله تعالى : " وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دآبة" آية رقم "82".
 
سورة القصص
1- قوله تعالى : " إنا رآدوه إليك وجاعلوه من المرسلين" آية رقم "7".
2- قوله تعالى : " فلما رءاها تهتز كأنها جآن ولي مدبرا ولم يعقب" آية رقم" 31".
3- قوله تعالى : " إن الذي فرض عليك القرءان لرآدك إلي معاد" آية رقم "85".
 
سورة العنكبوت
1-    قوله تعالى : " وكأين من دآبة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم" آية رقم "60".
 
سورة لقمان
1-    قوله تعالى : " وبث فيها من كل دآبة" آية رقم "10".
 
سورة سبأ
1- قوله تعالى : " فلما قضينا عليه الموت مادلهم علي موته إلا دآبة الأرض" آية رقم "14".
2- قوله تعالى : " وما أرسلنك إلا كافة" آية رقم "28".
 
سورة فاطر
1- قوله تعالى : " ومن الناس والدواب والأنعام" آية رقم " 28".
2- قوله تعالى : " ماترك علي ظهرها من دآبة" آية رقم "45".
 
سورة الصافات
1- قوله تعالى : " والصافات صفا" آية رقم "1" وهو الموضع الأول في أوائل السور.
2- قوله تعالى : " إنهم ألفوا ءاباءهم ضآلين" آية رقم "69".
3- قوله تعالى : " وإنا لنحن الصآفون" آية رقم "165".
 
سورة الزمر
1- قوله تعالى : " قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجهلون" آية رقم "64".
2- قوله تعالى : " وتري الملئكة حآفين" آية رقم "75" نهاية السورة الكريمة.
 
سورة غافر
1- قوله تعالى : " وإذ يتحجون في النار" آية رقم "47".
2- قوله تعالى : " ومن ءايته خلق السموات والأرض ومابث فيهما من دآبة" آية رقم "29".
 
سورة الجاثية
1-    قوله تعالى : " وفي خلقكم وما يبث من دآبة ءايت" آية رقم "4".
 
سورة محمد
1-    قوله تعالى : " إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله شآقوا الرسول " أية رقم "32".
 
سورة الفتح
1-    قوله تعالى : " الظآنين بالله ظن السوء" آية رقم "6".
 
سورة الرحمن
1- قوله تعالى : " وخلق الجآن من مارج من نار" آية رقم "15".
2- قوله تعالى : " فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جآن" آية رقم "39".
3- قوله تعالى : " لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جآن" آية رقم "56".
4- قوله تعالى : " مد هآمتان " آية رقم "64".
5- قوله تعالى : " لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جآن" آية رقم "74".
سورة الواقعة
1- قوله تعالى : " ثم إنكم أيها الضآلون المكذبون" آية رقم "51".
2- قوله تعالى : " وأما إن كان من المكذبين الضآلين" آية رقم "92".
 
سورة المجادلة
1- قوله تعالى : " ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا" آية رقم "3".
2- قوله تعالى : " فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتمآسا" آية رقم "4".
3- قوله تعالى : " إن الذين يحآدون الله ورسوله كتبوا" آية رقم "5".
4- قوله تعالى : " وليس بضآرهم شيئا" آية رقم "10".
5- قوله تعالى : " إن الذين يحآدون الله ورسوله أولئك في الأذلين" آية رقم "20".
7،6- قوله تعالى : " يوآدون من حآد الله ورسوله" آية رقم "22".
 
سورة الحشر
2،1- قوله تعالى : " ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشآق الله " آية رقم "4".
 
سورة الطلاق
1-   قوله تعالى : " ولا تضآروهن لتضيقوا عليهن" آية رقم "6".
 
سورة الملك
1-   قوله تعالى : " أو لم يروا إلي الطير فوقهم صفت" آية رقم "19".
 
سورة القلم
1-   قوله تعالى : " فلما رأوها قالوا إنا لضآلون" آية رقم "26".
 
سورة الحاقة
1- قوله تعالى : " الحآقة" آية رقم "1" وهو الموضع الثاني من أوائل السور.
2- قوله تعالى : " ما الحآقة" آية رقم " 2".
3- قوله تعالى : " وما أدرئك ما الحآقة" آية رقم "3".
 
سورة النازعات
1-   قوله تعالى : " فإذا جاءت الطآمة الكبرى" آية رقم "34".
 
سورة عبس
1-   قوله تعالى : " فإذا جاءت الصآخة" آية رقم "33".
 
سورة المطففين
1-   قوله تعالى : " وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضآلون"آية رقم "32".
 
سورة الفجر
1-   قوله تعالى : " ولا تحضون علي طعام المسكين" آية رقم "18".
 
سورة الضحى
1-   قوله تعالى : " ووجدك ضآلا فهدي" سورة الضحى آية رقم "7".
 
القسم الثالث : الحر في المثقل :
          وهو الذي يكون فيه بعد حرف المد حرف ساكن سكونه لازم في حرف مع الإدغام.
        قال بعض المحققين: وضابط هذا القسم أن يوجد حرف في فواتح بعض السور هجاؤه ثلاثة أحرف أوسطها حرف مد والثالث ساكن مدغم في غيره نحو: لام من "1لم" وسين من "طسم" و"يس والقرآن" و " ن والقلم" علي وجه الإدغام، وسمى حرفيا لاجتماع المد والسكون في حرف، ومثقلا لكونه مدغما.
 
القسم الرابع : الحرفي المخفف:
       وهو الذي يكون فيه بعد حرف المد حرف ساكن سكونه لازم في حرف من غير إدغام، وهو أن يوجد حرف في فواتح بعض السور هجاؤه ثلاثة أحرف أوسطها حرف مد والثالث ساكن دون أن يدغم في غيره . وذلك نحو : ميم من "ا~لم " و"طسم" و"حم" ويس والقرآن " و"ن والقلم " علي وجه الإظهار و"ص" و" ق" .
        واللازم الحرفي بقسميه لا يكون إلا في أوائل السور، وحروفه ثمانية جمعت في قول بعضهم : "نقص عسلكم " وهي السين والنون والقاف والصاد والعين واللام والميم والكاف.
فالسين في"طسم " أول الشعراء والقصص و"طس" أول النمل و"يس" أول سورة يس و"حم عسق" أول الشورى . والنون في "ن والقلم" خاصة. والقاف في "عسق" أول الشورى، و"ق والقرءان المجيد".
       والصاد في فاتحتي الأعراف ومريم، وص والقرءان ذي الذكر". والعين في فاتحتي مريم والشورى. واللام في فواتح البقرة وآل عمران والأعراف ويونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة .
       والميم في أوائل البقرة وآل عمران والأعراف والرعد والشعراء والقصص والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة والحواميم السبع .
والكاف من "كهيعص" أول مريم خاصة .
        وحكم المد اللازم في أقسامه الأربعة وجوب مده بمقدار ست حركات إلا في موضعين:
الأول: الياء من "آلم الله" أول سورة آل عمران ، فإن في الياء من ميم وجهين : المد استصحابا للأصل ، والقصر اعتدادا بحركة الميم العارضة وهي الفتحة، وإنما أوثرت الفتحة للتخلص من التقاء الساكنين علي الكسرة وهي الأصل في التخلص لكون الفتحة وسيلة إلي تفخيم لفظ الجلالة.
       وإنما قصد تفخيمه ليتلاءم مع تفحيم معناه. ومحل هذين الوجهين عند الوصل ، فإذا وقف على "الم" تعين الإشباع علي الأصل إذ لا موجب لغيره.
       الثاني: عين من فاتحتي مريم والشورى، وقد اختلف أهل الأداء في إشباعها وتوسطها وقصرها، فمنهم من أجراها مجري حرف المد فأشبع مدها لالتقاء الساكنين ، ومنهم من أخذ بالتوسط نظرا لفتح ماقبل الياء ، ورعاية للجميع بين الساكنين قال في النشر: وهذان الوجهان هما المختاران لجميع القراء . ثم قال : ومنهم من أجراها مجرى الحروف الصحيحة فلم يزد في تمكينها علي مافيها. أهـ .
       والخلاصة: أن وجه إشباع عين القياس علي نظائرها.
       ووجه توسطها انحطاط رتبة حرف اللين عن حرف المد، والتفرقة بين ماقبله حركة من جنسة وما قبله حركة من غير جنسه ليكون لحرف المد مزية.
       علي حرف اللين، ولأن حرف المد واللين أمكن في المد من حروف اللين فقط. ووجه القصر أن زيادة المط من خواص حرف المد، فإذا انتقى حرف المد انتفت الزيادة، علي أن القصر هو الأصل.
 
قال المحقق ابن الجزري:
 
وأشبع المد الساكن لزم
ونحو عين فالثلاثة لهم
كساكن الوقوف وفي اللين يقل
طول وأقوي السببين يستقل
 
       وفضل العلماء الإشباع ووجه تفضليه علي غيره أنه قياس مذهب أهل الأداء في الفصل بين الساكنين، وأن فيه مجانسة لما جاوره من المد وهو ص في أول سورة مريم وفي أول سورة الشورى. ومما تقدم يتبين لك أن المد اللازم الحرفي المثقل منحصر في:
1- لام في أوائل هذه السور: البقرة وآل عمران والأعراف والرعد والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة.
2- سين في فاتحتي الشعراء والقصص ويس والقرءان ، علي وجه الإدغام .
3- "ن والقلم "  علي وجه الإدغام.
وأن المد اللازم الحرفي المخفف منحصر في :
1- لام في أوائل هذه السور: يونس وهود ويوسف وإبراهيم والحجر.
2- سين في أول النمل والشورى، وأول "يس والقرءان" علي وجه الأظهار .
3- "ن والقلم" علي وجه الإظهار.
4- قاف في فاتحة الشورى و "ق والقرءان المجيد".
5- صاد في فاتحتي الأعراف ومريم وص والقرءان ذي الذكر".
6- عين في فاتحتي مريم والشورى.
7- ميم في أوائل: البقرة وآل عمران ، والأعراف والرعد والشعراء والقصص والعنكبوت والروم ولقمان والسجدة والحواميم السبع .
8- كاف من " كهيعص .. أول مريم.
       وما عدا هذه الحروف الثمانية من الحروف التي وقعت في فواتح السور يمد مدا طبيعيا وذلك في خمسة أحرف مجموعة في قول بعضهم "حي طهر" وهي الحاء والياء والطاء والهاء والراء.
       فالحاء في "حم" في أوائل: غافر وفصلت والشورى والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف.
والياء في فاتحتي مريم ويس .
والطاء في أوائل طه والشعراء والنمل والقصص.
والهاء في فاتحتي مريم وطه .
والراء في أوائل يونس وهود ويوسف والرعد وإبراهيم والحجر.
       والخلاصة أن مجموعة الحروف في أوائل السور أربعة عشر حرفا وهي علي أربعة أقسام:
القسم الأول منها يمد مدا لازما بمقدار ست حركات وهو حروف "سنقص علمك" ماعدا عين منها.
القسم الثاني يجوز فيه الإشباع والتوسط والقصر وهو عين في فاتحتي مريم والشورى.
القسم الثالث يمد مدا طبيعيا وهو حروف "حي طهر" .
وقسم لا يمد أصلا وهو ألف ، لأن وضعها علي ثلاثة أ؛رف ليس وسطها حرف مد ساكنا.
وقد وقعت هذه الحروف في فواتح تسع وعشرين سورة:
ثلاث منها أحاديات أي مبدوءة بحرف واحد وهي : ص، ق، ن.
وتسع ثنائيات أي كل سورة منها مبدوءة بحرفين اثنين وهي: طه، يس، طس أول النمل ، حم الست سور غافر وفصلت والزخرف والدخان والجاثية والأحقاف.
      وثلاث عشرة ثلاثيات أي بدء كل سورة منها ثلاثة أحرف وهي: الم أوائل البقرة، آل عمران، العنكبوت ، الروم، لقمان ، السجدة، وآلر أوائل يونس وهود ويوسف وإبراهيم والحجر طسم أولي الشعراء والقصص. واثنتان رباعيتان، وهما: "المص" أول الأعراف "المر" أول الرعد.
      واثنتان خماسيتان وهما : " كهيعص" أول مريم، "حم" "عسق" أول الشورى والله تعالى أعلم .
 
وعدة الحروف للهجاء
تسع وعشون بلا امتراء
بدء السور تسع كذا عشرونا
حرف فقط ثلاثة تأتينا
حرفان في تسع كذا قد عدت
ثلاث عشر في ثلاث قد أتت
قل في الرباعي النص سورتان
مثل الخماس جاء في القرآن
 
الحرف الواحد
حرف فقط سور ثلاث قد أتت                   ص: ق: ن قد ثبت
الحرفان
حرفان قل حم ستة يا سينا                       طه وطس تسعة تأتينا
الحروف الثلاثية
حرف الثلاثي عشرة وثلاثة                      بكر وروم عنكب والظلمة
يونس وهود يوسف عمرانا                      حجرا برهم قص وسجدة لقمانا
الحروف الرباعية والخماسية
حرف الرباعي الرعد والأعراف                 والخمس (كاف) عسق
المد العارض النوع الخامس للسكون العارض
 
      وهو أن يأتي بعد حرف المد حرف متحرك في آخر الكلمة، ثم يسكن للوقف، لأن الوقف لا يكون علي متحرك، فيكون هذا السكون عارضا لأجل الوقف.
      قال المحقق ابن الجزري:
والأصل في الوقف السكون . . .
      ويسمي المحقق ابن الجزري هذا النوع "المد للساكن العارض" أي العارض سكونه قال في النشر : وأما المد للساكن العارض ويقال له أيضا الجائز والعارض فإن لأهل الأداء من أئمة القراءة فيه ثلاثة مذاهب:
      المذهب الأول: الإشباع كاللازم لاجتماع الساكنين اعتدادا بالعارض فيكون وجه الشبه الجامع بينه وبين اللازم أن كلا منهما حرف مد وقع بعده سكون قطع النظر عن كون هذا السكون عارضا.
      المذهب الثاني: التوسط لمراعاة اجتماع الساكنين، وملاحظة كون السكون الثاني عارضا. فملاحظة عروض السكون جعلت مرتبة المد دون مرتبة المد اللازم .
      المذهب الثالث: القصر ووجهه مراعاة الأصل وعدم الالتفات إلي السكون لكونه عارضا فلا يعتد بوجوده، ولأن الجمع بين الساكنين مما يختص بالوقف نحو: "القدر،والفجر"أهـ.
      والخلاصة أن هذا المد يسمي المد العارض للسكون نظرا لكونه يعرض للكلمة لأجل أو بسبب السكون الذي عرض للوقف. كما يسمي المد للساكن العارض، وحكمه الجواز قصره وتوسطه ومده.
      وأمثلته: "العلمين، الرحيم ، نستعين" وسيأتي بيان أو جهة في باب الوقف علي أو اخر الكلم إن شاء الله تعالى.
 
((حكم حرفي اللين عند الوقف))
      حرفا اللين هما: الواو والياء الساكنتان المفتوح ما قبلهما نحو : "القوم الموت، الخوف، الحسنيين، كرتين، النجدين".
      وقد اختلف أهل الأداء في إلحاقهما بحروف المد عند الوقف.
      فذهب بعضهم إلي قصرهما عند الوقف، ولم يجيزوا فيهما التوسط ولا الإشباع نظرا لضعفهما بانفتاح ماقبلهما.
وذهب بعضهم إلي أجراء الأوجه الثلاثة فيهما: الإشباع والتوسط والقصر.
      وينبغي أن يعلم أن المراد بالقصر في حرفي اللين حذف المد منهما مطلقا، بحيث يكون النطق بهما عند الوقف كالنطق بهما عند الوصل، إجراء لهما مجري الحروف الصحيحة كما يؤخذ من كتاب النشر، ثم قال فيه: والتحقيق في ذلك أن يقال: إن هذه الأوجه الثلاثة: الإشباع والتوسط والقصر، لا تسوغ فر حرفي اللين إلا لمن ذهب إلي الإشباع في حروف المد من هذا الباب .
      وأما من ذهب إلي القصر في حروف المد فلا يجوز له في حرفي اللين إلا القصر، ومن ذهب إلي التوسط في حروف المد فلا يجوز له في حرفي اللين إلا التوسط والقصر سواء اعتد بالعارض أم لم يعتد ولا يسوغ له حينئذ الإشباع. أهـ .
      وعلي هذا إذا كان القاريء يسير في قراءته علي قصر حرفي اللين عند الوقف فإنه يجوز له عند الوقف علي حرفي المد الأوجه الثلاثة:
القصر والتوسط والمد . وإذا كامن يقف علي حرفي اللين بالتوسط فإنه يقف علي حرفي المد بالتوسط والمد، ولا يجوز له حينئذ القصر لقوة حرفي المد عن حرفي اللين إذا لا يجوز قصر القوي مع توسط الضعيف، وإذا كان يقف علي حرفي اللين بالإشباع فلا يجوز له حينئذ في حرفي المد إلا الإشباع ولا يسوغ له توسط ولا قصر للعلة المذكورة.
      أما إذا كان يقف علي حرفي المد بالقصر فإنه لا يجوز له الوقف علي حرفي اللين إلا بالقصر، ,إذا كان يقف علي حرفي المد بالتوسط فإنه يجوز الوقف علي حرفي اللين بالتوسط والقصر، وإذا كان يقف علي حرفي المد بالإشباع فإنه يجوز له الوقف علي حرفي اللين بالأوجه الثلاثة.
 
قال الإمام الأبياري:
 
وحرف مد قبل لين قدما
فاقصرهما ووسطن فيهما
والقصر زد في الثان وامدد أولا
والثان ثلث فهي ست تبتلي
وإن رأيت اللين جاء أولا
فيه اقصرن والثان ثلث تفضلا
ووسطنهما وثان زده مد
وامددهما ذي ستة أيضا تعد
إن لم يكن روم ولا إشمام
فإن يكونا زد فلا تلام
 
 
        (( قاعدة مهمة في باب المدود ))
 
       تتفاوت مراتب المدود في القوة والضعف تبعتا لتفاوت أسبابها قوة وضعفا. فإذا كان سبب المد قويا كان المد قويا. وإذا كان سببه ضعيفا كان المد ضعيفا.
       وأقوي أسباب المدود كلها سبب المد اللازم وهو السكون لثبوته وصلا ووقفا، واجتماعه مع حرف المد في كلمة واحدة أو حرف واحد، ولإجماع القراء علي مده بمقدار واحد.
        ويليه في القوة سبب المد المتصل وهو الهمز لثبوته وصلا ووقفا، واجتماعه مع حرف المد في كلمة واحدة، وإجماعهم علي مده وإن كان مختلفا في مقداره.
       ويليه سبب المد العارض وهو السكون لاجتماعه مع حرف المد في كلمة واحدة وإن كان عارضا ومختلفا في مقداره.
       ويليه سبب المد المنفصل وهو الهمز لانفصاله عن حرف المد واختلافهم في مده ومقداره .
       ويليه سبب مد البدل وهو الهمز وهو أضعف الأسباب .
       قال بعضهم:
أقوي المدود لازم فما اتصل                      فعارض فذوا نفصال فبذل
       وبناء علي هذا يكون أقوي المدود المد اللازم، ويليه في القوة المد المتصل، ثم المد العارض للسكون، ثم المد المنفصل، ثم مد البدل وهو أضعفها.
       وإنما كان أضعف المدود، لتقدم سببه عليه، ولكون حرف المد مبدلا من غيره غالبا، بخلاف المدود السابقة، فإن أسبابها متأخرة عنها، وكلها أصلية لم تبدل من غيرها.
       وإذا اجتمع في كلمة أو في كلمتين سببان لمدين، وكان أحد السببين أقوي من الآخر أو كان أحدهما قويا والآخر ضعيفا ـ عمل بمقتضي السبب لأقوي أو القوي، وألغي السبب الآخر ولم يعمل بمقتضاه.
       وقال أحد الكاتبين: إن القوي ينسخ حكم الضعيف. قال المحقق ابن الجزري:
....... ......   ....... .......                            وأقوي السببين يستقل
وإليك الأمثلة :
1- كلمة "ءامين" في قوله تعالى في سورة المائدة "ولا ءامين البيت الحرام" قد اجتمع فيها سببان: أحدهما تقدم الهمز علي حرف المد، وهذا السبب يقتضي اعتبارا لمد من قبيل مد البدل، والسبب الثاني وجود السكون اللازم بعد حرف المد وصلا ووقفا، وهذا السبب يقتضي أن يكون المد من قبيل المد اللازم.
       والسبب الأول ضعيف والثاني قوي بل هو أقوي الأسباب .
       فحينئذ يعمل بالسبب الأقوى ويهمل غيره، فيكون المد مداً لازما.
2- كلمة "جان" في قوله تعالى في سورة الرحمن "ولا جآن" عند الوقف عليها يجتمع فيها سببان أحدهما تحقق السكون بعد حرف المد وصلا ووقفا وهذا يقتضي أن يكون المد لازما، والثاني السكون العارض للوقف وهذا يقتضي أن يكون المد عارضا للسكون والسبب الأول أقوي من الثاني فحينئذ يعمل بالأول ويهمل الثاني ويكون المد لازما.
       ومثل هذه الكلمة "غير مضآر" في سورة النساء.
3- "رئاء الناس" اجتمع في كلمة "رئاء" سببان: تقدم الهمز علي حرف المد وهذا يوجب أن يكون المد مد بدل، ووجود همز بعد حرف المد متصل به في كلمته، وهذا يوجب أن يكون المد متصلا، والسبب الأول ضعيف كما سبق والثاني قوي فيعمل بمقتضاه ويكون المد متصلا ويهمل السبب الأول، ومثل هذه الكلمة "برء اؤا" في سورة الممتحنة.
4- "رءأ ايديهم" في سورة هود. اجتمع فيها سببان تقدم الهمز علي المد المقتضي جعله مد بدل، ووجود الهمز بعد حرف المد في كلمة أخري المقتضي جعله مداً منفصلا، والسبب الأول ضعيف والثاني قوي فيعمل به ويترك الأول ويكون المد منفصلا، ومثل هذه الكلمة "وجآء وأباهم" في يوسف . وهذا عند الوصل، فإذا وقف علي "رءا"، و"وجآءو" كان المد حينئذ مد بدل إذ ليس في الكلمة إلا سبب واحد.
5-"يشآء" عند الوقف عليه اجتمع فيه سببان: اجتماع حرف المد مع الهمز في كلمة، وهذا يقتضي اعتبار المد متصلا، ووجود سكون عارض للوقف بعد حرف المد. وهذا يقتضي اعتبار المد من قبيل المد العارض للسكون والسبب الأول أقوي فيعمل به ويكون المد متصلا يتعين مده، ويلغي السبب الآخر فيمتنع القصر حينئذ.
6- "مئاب" عند الوقف عليه اجتمع في هذه الكلمة سببان تقدم الهمز علي المد وهذا سبب ضعيف، ووجود سكون عارض بعد حرف المد وهذا سبب قوي.
فحينئذ يهمل السبب الأول لضعفه. ولا يكون المد مد بدل، ويعمل بالسبب القوي ويكون المد عارضا للسكون تغليبا للسبب القوي وعملا بمقتضاه علي السبب الضعيف.
 
 
(( الوقف علي أواخر الكلم ))
       الوقف لغة: الكف عن القول أو الفعل، واصطلاحا قطع النطق علي الكلمة زمنا يتنفس فيه عادة استئناف القراءة، ولا بد في الوقف من التنفس بالفعل، ويكون الوقف في رءوس الآي وأوساطها. ولا يكون في وسط الكلمة، ولا فيما اتصل رسما، وسمي وقفا لأنه كف عن الحركة وترك لها إلي السكون.
       والأصل في الوقف أن يكون بإسكان الحرف المتحرك آخر الكلمة لأن لغة العرب ألا يوقف علي متحرك، ولأن السكون أخف من الحركة، والوقف موضع تخفيف واستراحة.
       قال المحقق ابن الجزري في النشر: فأما السكون فهو الأصل في الوقف علي الكلمة المتحركة وصلا، لأن معني الوقف الترك والقطع، مأخوذ من قولك: وقفت عن كلام فلان إذا تركته وقطعته، ولأن الوقف أيضا ضد الابتداء فكما يختص الابتداء بالحركة يختص الوقف بالسكون، فهو عبارة عن تفريغ الحرف من الحركات الثلاث. أهـ .
قال المحقق ابن الجزري :
وفيهما        رعاية        الرسم         اشترط
وقال العلامة الضباع في كتابة الإضاءة:
       الإسكان تفريغ الحرف من الحركات الثلاث وهو الأصل في الوقف، لأن الوقف معناه لغة الترك والكف، والواقف يترك حركة الموقوف عليه فيسكن. ولأن الواقف في الغالب يطلب الاستراحة وسلب الحركة أبلغ في تحصيل الراحة. ولأن الوقف ضد الابتداء، والحركة ضد السكون، فكما اختص الابتداء بالحركة اختص الوقف بالسكون ليتبين بذلك ما بين المتضادين أهـ.
 
والروم :
هو الإتيان ببعض الحركة بصوت خفي يسمعه القريب دون البعيد في الكلمة الموقوف عليها.
       وقولنا في الروم:" ببعض الحركة" أي ثلث الحركة بخلافه في "تأمناً" بيوسف .
قال المنصوري :
والروم الإتيان ببعض الحركة                     وباب بارئكم بثلثي حركة
       وقال الإمام الداني: هو إضعاف الصوت بالحركة حتى يذهب معظم صوتها فيسمع لها صوت خفي يدركه القريب منك والأعمى بحاسة سمعه.
       واستصوب بعضهم هذا التعريف وقدمه علي التعريف السابق قبله ويمكن الجمع بين التعريفين بأن المراد بالصوت في التعريف الأول صوت الحركة، والمراد بخفائه نقصانه. وإذا نقص صوت الحركة نقصت صوت الحركة نقصت الحركة وذلك يدل علي تبعيضها، وبهذا الاعتبار يتحد المعنيان. ويدخل الروم: المرفوع والمضموم والمجرور والمكسور، ولا يدخل المنصوب ولا المفتوح والمعتبر في دخول الروم الحركة الملفوظ بها سواء كانت أصلية أم نائبة عن غيرها. فيدخل فيما جمع بألف وتاء مزيدتين وما ألحق به نحو: "خلق الله السموات"، "وإن كن أولت" وإن كان منصوبا لأن نصبه بالكسرة، والكسرة يدخلها الروم. ولا يدخل في الاسم الذي لا ينصرف نحو: " إلي إبرهم" وبشرنه بإسحق". لأن جره بالفتحة والفتحة لا يدخلها الروم.
 
وأما الإشمام:
فهو الإشارة بالشفتين بعيد إسكان الحرف من غير تصويت كمن ينطق بالضمة.
       وقال الإمام الداني في التيسير: هو ضم شفتيك بعد إسكان الحرف ولا يدرك ذلك الأعمى لأنه إيماء بالعضو إلي الحركة وذلك خاص برؤية العين. أهـ .
       وأيسر من هذا وذاك أن يقال : هو ضم الشفتين بلا صوت عقب إسكان الحرف إشارة إلي أن الحركة المحذوفة ضمة.
       ويؤخذ من هذا أنه لابد من اتصال ضم الشفتين باسكان الحرف من غير تراخ فلو تراخي فإسكان مجرد.
       ويختص الإشمام بالمرفوع والمضموم لأن معناه وهو ضم الشفتين إنما يناسب الضمة لانضمام الشفتين عند النطق بها دون الفتحة والكسرة لخروج الفتحة بانفتاح والكسرة بانخفاض، ولأن إشمام المفتوح والمكسور يوهم ضمهما في الوصل، ولا يختص الإشمام بآخر الكلمة بل قد يكون في وسطها كما في " تأمنا "  في سورة يوسف.
       فالإشمام في تأمنا بخلافه في آخر الكلمة. قال بعضهم:
واشمم هنا مقارنا للحرف                  لا بعد لفظه كما للوقف
       يقول المحقق ابن الجزري: في بيان حكمة الروم والاشمام.
" فائدة الإشارة في الوقف بالروم والإشمام هي بيان الحركة التي تثبت في الوصل للحرف الموقوف عليه ليظهر للسامع أو للناظر كيف تلك الحركة الموقوف عليها. وهذا التعليل يقتضي استحسان الواقف بالإشارة إذا كان بحضرة القاريء من يسمع قراءته، أما إذا لم يكن بحضرته أحد يسمع تلاوته فلا يتأكد الوقف إذ ذاك بالروم والإشمام لأنه غير محتاج أن يبين لنفسه.
       وعند حضور الغير يتأكد ذلك ليحصل البيان للسامع، فإن كان السامع عالما بذلك علم بصحة عمل القاريء. وإن كان غير عالم كان في ذلك تنبيه له ليعلم حكم ذلك الحرف الموقوف عليه كيف هو في الوصل، وإن كان القاريء متعلما ظهر عليه بين يدي الأستاذ هل أصاب فيقره، أو أخطأ فيعلمه، وكثيرا ما يشتبه علي المبتدئين وغيرهم ممن لم يقفه الأستاذ علي بيان الإشارة أن يميزوا بين حركات الإعراب في قوله تعالى: " وفوق كل ذي علم عليم" وقوله تعالى " إني لما أنزلت إلي من خير فقير" فإنهم إذا اعتادوا الوقف علي مثل هذا بالسكون لم يعرفوا كيف يقرءون "عليم وفقير" حال الوصل هل هو بالرفع أو الجر ؟ .
       وقد كان كثير من أساتذتنا يأمرنا فيه بالإشارة، وكان بعضهم يأمر بالوصل محافظة علي التعريف به وذلك حسن لطيف والله أعلم أهـ .  
 
(( والكلمة التي يوقف عليها تنحصر في عشرة أنواع ))
النوع الأول :
أن تكون ساكنة الآخر سكونا أصليا نحو: " لم يلد ولم يولد " " فلا تنهر " فإذا فرغت فانصب " وحكمها في الوقف كحكمها في الوصل سواء بسواء .
 
النوع الثاني :
أن تكون منونة، فإن كانت منصوبة أبدل تنوينها حرف مد ألفا عند الوقف، نحو: " عليما، خبيرا، أمدا " قال ابن مالك.
وأبدلنها بعد فتح ألفا                وقفا كما تقول في قفا قفا
       وإن كانت مرفوعة أو مجرورة حذف تنوينها حال الوقف نحو: " والله عليم حكيم، تنزيل من غفور رحيم ".
 
 
النوع الثالث :
أن تكون متحركة الآخر، ويكون قبل الحرف الأخير منها حرف مد ولين فقط، وهذا مايسمي المد العارض للسكون .
       فإن كانت حركة الحرف الأخير فتحة ـ سواء كانت فتحة إعراب نحو: "مخلصاً له الدين، هو الذي أنزل عليك الكتب" فأوف لنا الكيل، إلي بعض القول" أم فتحة بناء نحو: العلمين، ومن عاد، لا ريب، لا ضير" فيجوز حينئذ في حرف المد واللين، وفي حرف اللين ثلاثة أوجه: القصر بمقدار حركتين والتوسط بمقدار أربع حركات، والمد بمقدار ست حركات، ولا يجوز في الحرف الأخير إلا السكون المحض، فيمتنع فيه الروم والإشمام . وإذا كانت حركة الحرف الأخير ضمة سواء كانت ضمة إعراب نحو: " نستعين، والله قدير، فالله خير، لا فيها غول" أم كانت ضمة بناء نحو : " بأبرهم، ينوح، وحيث" ـ فإنه يجوز في الوقف علي الكلمة سبعة أوجه: القصر والتوسط والمد مع السكون المحض في الحرف الأخير، ومثلها مع الإشمام في الحرف الأخير، فتكون الأوجه ستة، والوجه السابع الروم مع القصر.
ولا يكون الروم إلا مع القصر، فلا يكون مع التوسط ولا مع الإشباع، لأن الروم كالوصل، وكما لا يصح الوصل إلا مع القصر فلا يصح الروم إلا مع القصر.
     وإذا كانت حركة الحرف الأخير كسرة سواء كانت كسرة إعراب نحو: " إلي صراط مستقيم، وإن كنتم في ريب، وءامتهم من خوف" أم كانت كسرة بناء نحو: " وإليه متاب، رب ارجعون، إحدى الحسنيين، ثم ارجع البصر كرتين" . فإنه يجوز عند الوقف علي الكلمة أربعة أوجه :
 القصر والتوسط والمد، والروم مع القصر.
       وقد بينا فيما سبق أن عبارة النشر يفيد ظاهرها أن المراد بهما عند الوقف كالنطق بهما عند الوصل إجراء لهما مجري الحروف الصحيحة، وذهب بعضهم إلي أن المراد بالقصر فيهما مدهما بمقدار حركتين كالقصر في حروف المد إجراء لحرفي اللين اللذين بعدهما سكون عارض مجري حرفي المد اللذين بعدهما سكون عارض تسهيلا للنطق بحرفي اللين لأن حذف المد منهما بالكلية عند الوقف يؤدي إلي ثقل النطق بهما. ولا يزول هذا الثقل إلا بمدهما بمقدار حركتين.
       وينبغي أن يعلم أن الكلمة الموقوف عليها إذا كانت منونة ووقفت عليها بالروم سواء كانت مرفوعة أم مجرورة فإنه يجب حذف تنوينها عند الوقف .
       كما ينبغي أن تعلم أن حرف اللين عند الوقف بالروم لا يمد مطلقا لأن الروم كالوصل كما تقدم وهو لا يمد مطلقا حال الوصل فكذلك لا يمد حال الروم، بخلاف حرف المد عند الوقف بالروم فإنه يمد بمقدار حركتين لأنه عند الوصل يمد هذا المقدار فكذلك يمد هذا المقدار عند الروم.
النوع الرابع :
أن يكون آخر الكلمة همزة متحركة ويكون قبل الهمز حرف مد. وهذا هو المد المتصل الموقوف عليه.
       فإن كانت حركة الهمزة فتحة سواء كانت فتحة إعراب نحو: "ولا تؤتوا السفهاء، ويمسك السماء" أم كانت فتحة بناء نحو: " شاء، ما أفآء". فيجوز عند الوقف علي هذه الكلمة ثلاثة أوجه:
الأول ـ التوسط بمقدار أربع حركات .
الثاني ـ فويق التوسط بمقدار خمس حركات، وهذان الوجهان يجريان في حال الوصل أيضا، لوجوب مد المتصل بهذا المقدار في الحالتين كما سبق.
الثالث ـ المد بمقدار ست حركات. ونظراً لهذا الوجه يسمي هذا المد " المد المتصل العارض للسكون" أي الذي عرض للكلمة بسبب السكون العارض لها عند الوقف عليها. فلا يسمي المد العارض للسكون إلا باعتبار هذا الوجه حال الوقف لأن هذا الوجه لم يجز إلا لأجل السكون العارض في الوقف . وأما الوجهان الأولان فثابتان وصلا ووقفا كما تقدم ، ولا يجوز في هذه الحال ـ حال فتح الهمزة ـ الروم، ولا الإشمام.
       وإذا كانت حركة الهمزة كسرة سواء كانت كسرة إعراب نحو: " السمآء، من ماء " أم كانت كسرة بناء نحو: " هؤلاء " فإنه يجوز في الوقف علي هذه الكلمة خمسة أوجه، التوسط بمقدار أربع حركات، وفويق التوسط بمقدار خمس حركات، وعلي كل منهما السكون المحض والروم فتكون الأوجه أربعة والخامس المد ست حركات مع السكون المحض فتكون خمسة. ولا يجوز الروم مع المد المشبع ست حركات، لأن هذا المد الشبع لا يجوز وصلا، والروم كالوصل، فكما لا يصح هذا الوجه في حال الوصل لا يصح في حال الروم.
       وإذا كانت الهمزة مضمومة سواء كانت ضمة إعراب نحو: " حيث يشاء، فيخرج منه المآء " أم ضمنة بناء نحو: "وبسماء" فإنه يجوز عند الوقف علي هذه الكلمة ثمانية أوجه، التوسط بقدار أربع حركات، وفويق التوسط بقدار خمس حركات، وكل منهما مع السكون المحض والروم والإشمام فتكون الأوجه ستة، والسابع والثامن المد المشبع مع السكون المحض، ومع الإشمام فتكون الأوجه ثمانية.
 
       قال العامة الأبياري :
 
وقف علي متصل بأربع
وخمسة وستة لترفع
والرفع أشممه ورمه مطلقا
مع جر بأربع وخمس تتقي
ثلاثة نصبا وخمسة لجر
فالرفع أوجه ثمان تعتبر
وإن مددت أربعا في الوصل
فقف بأربع وستة ذا الفضل
وإن مددت خمسة كن واقفا
بخمسة وستة كب تعرفا
والرفع أشمم حيثما وقفتا
ورمه مع جر بما وصلتا
 
 
النوع الخامس :  
أن يكون آخر الكلمة حرفا مشددا وقبله حرف مد المد اللازم فإن كان الحرف المشدد مفتوحا نحو: "صوآف، لاتضآر" فليس في حرف المد إلا الإشباع تغليبا للسبب الأقوى علي غيره، ولا يجوز في الحرف الأخير إلا السكون المحض لكونه مفتوحا فلا يدخله روم ولا إشمام .
       وإن كان الحرف الأخير مكسورا نحو :" إن شر الدوآب، غير مضآر " تعين إشباع حرف المد أيضا للعلة السالفة. وجاز في الحرف المشدد السكون المحض، والروم، وإن كان الحرف الأخير مضموما نحو: " كأنها جان " تعين في حرف المد الإشباع أيضا وجاز في الحرف الأخير ثلاثة أوجه: السكون المحض، والإشمام، والروم.
 
النوع السادس :
أن يكون آخر الكلمة هاء كناية، وهاء الكناية في اصطلاح القراء هي الهاء الزائدة الدالة علي الواحد المذكر، وتسمي هاء الضمير أيضا فخرج بالزائدة الهاء الأصلية كالهاء في :" فواكه، نفقه، وانه عن المنكر، لئن لم ينته، وجه أبيكم، إله ".
       وبالدالة علي والواحد المذكر الهاء في نحو: " عليها، عليهما، عليهم، عليهن ". وتتصل هاء الكناية بالفعل نحو: " يؤده، نوله " وبالاسم نحو: " أهله، بيده" وبالحرف نحو: "عليه ، فيه".
ولهاء الضمير سبع أحوال.
 
الأولي :
أن يكون قبلها واو ساكنة سواء كانت هذه الواو حرف مدولين بأن كان ماقبلها مضموما نحو: " خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه". أم كانت حرف لين فقط بأن كان ماقبلها مفتوحا نحو: " فلما رأوه، وشروه، ولير ضوه".
 
الثانية :
أن تقع بعد ياء ضمة نحو : " فإن الله يعلمه، علي من يكفله، فإنه ءاثم قلبه " .
 
 
الثالثة :
أن تقع بعد ياء ساكنة سواء كانت هذه الياء حرف مد ولين بأن انكسر ماقبلها نحو:" فألقيه، قصيه". أم كانت حرف لين فقط نحو: " عليه، إليه، لديه".
 
الرابعة :
أن تقع بعد كسرة نحو: " بأمر، لحكمه، ذكر ربه ".
 
الخامسة :
أن تقع بعد ألف نحو: " أجتبه، وهدينه، وفدينه " .
 
السادسة :
أن تقع بعد حرف ساكن صحيح نحو: " منه، فليصمه، أبلغه ".
 
السابعة :
أن تقع بعد فتحة نحو: " ثم أماته فأقبره، ثم إذا شاء أنشره ".
       وتكسر هاء الضمير في الحالين الثالثة والرابعة، وتضم في باقي الأحوال.
       وحكم حرف المد واللين وحرف اللين عند الوقف علي الهاء. جواز القصر والتوسط والمد.
       وأما حكم الوقف عليها من حيث دخول الروم والإشمام فيها فهو موضع خلاف العلماء .
       فذهب فريق منهم إلي منع دخول الروم والإشمام فيها مطلقا في جميع أحوالها، لأنها تشبه هاء التأنيث في حال الوقف، وهاء التأنيث لا يدخلها روم ولا إشمام في الوقف فكذلك ما يشبهها. وذهب فريق إلي جواز دخول الروم والإشمام فيها إذا كان قبلها واو ساكنة أو ضمة أو ألف، أو حرف ساكن صحيح، أو فتحة. وجواز دخول الروم والإشمام اتفاقا، وطرداً للقاعدة العامة وهذا المذهب هو الذي يعبر عنه العلماء بمذهب الجواز مطلقا في جميع أحوالها.
       وذهبت طائفة من المحققين إلي التفصيل :
       فإذا كان قبلها واو ساكنة أو ضمة امتنع فيها الروم والإشمام طلبا للخفة، لئلا يخرج القاريء من واو أو ضم إلي ضمة أو إشارة إليها وذلك ثقيل في النطق.
        وإذا كان قبلها ياء ساكنة أو كسرة امتنع دخول الروم فيها لئلا يخرج القاريء من ياء ساكنة أو كسرة وفي ذلك ثقل في النطق.
       وإذا كان قبلها ألف، أو حرف ساكن صحيح، أو فتحة جاز دخول الروم والإشمام فيها محافظة علي بيان حركتها حيث لم يكن ثقل.
       قال المحقق ابن الجزري في النشر: وهذا أعدل المذاهب عندي أ هـ .
       ويجب حذف صلة الهاء مع الروم كما يجب حذفها مع السكون عند الوقف.
قال المحقق ابن الجزري:
وخلف ها الضمير وامنع فيس الأتم
                                         من بعديا أو واو أو كسر وضم
والفصل بعد الفتح أو بعد الألف                  
أو ساكن قد صح في قول ألف
       وقد جوزوا الإسكان والروم والإشمام فيما بعده الألف نحو: " اجتبه وهده " وبعد الساكن الصحيح نحو: " منه، وعنه " وبعد الفتح نحو: " خلقه فقدره ".
       وقد اجتمعت هذه الأنواع الثلاثة في آخر سورة فصلت الآية (50) وهي قوله تعالى: " ولئن أذقنه رحمة منا من بعد ضرآء مسته ليقولن هذا لي وما أظن الساعة قائمة ولئن رجعت إلي ربي إن لي عنده للحسني، فلننبئن الذين كفروا بما عملوا ولنذيقنهم من عذاب غليظ ".
وقد جمعها المنصوري في هذه الأبيات فقال :
هاء الضمير قد أتت في فصلت
                                                       في آية عدت (يلي) قد بينت
بعد الألف ساكن صحيح قد ألف            
                                                       والفتح من بعده حقا عرف
( ولئن أذقنه ) وبعده (مسته)
                                                       في ألفا صلة قل (عنده)جاءته
روم وإشمام سكون قد ثبت
                                                       في المصحف المختار نقل عن أبت
 
 
 
النوع السابع :
       أن يكون آخر الكلمة متحركا بإحدى الحركات الثلاث وليس هاء ضمير، ولا هاء تأنيث، وليست حركته عارضة في الوصل للتخلص من التقاء الساكنين، وليس قبله حرف مد ولا حرف لين .
 فإن متحركا بالفتحة سواء كانت فتحة إعراب نحو: " لكيلا يعلم، إلا من ظلم، أعطينك الكوثر " أم فتحة بناء نحو: " هنالك، لا وزر، لا عاصم ". فليس فيه عند الوقف إلا السكون المجرد.
       قال الإمام الشاطبي رحمة الله تعالى:
ولم يره في الفتح والنصب قارئ                        .....      ......     ..... .......
       وإن كان متحركا بالضمة سواء كانت ضمة إعراب نحو: " هو الولي، له الملك وله الحمد ". أم ضمة بناء نحو: " إني توكلت، أين ماكنت يمريم، يصلح، من قبل، ومن بعد " جاز فيه عند الوقف ثلاثة أوجه: السكون المحض، والسكون مع الإشمام، والروم.
       وإن كان متحركا بالكسرة سواء كانت كسرة إعراب نحو: " والعصر، في المسجد، فهل من مدكر " أم كسرة بناء نحو: " أهكذا عرشك، أني لك هذا، لقد جئت شيئا فريا ". جاز فيه حال الوقف وجهان: السكون المحض، والروم.
       ويسمي هذا النوع السكون العارض للوقف.
 
النوع الثامن :
أن تكون الكلمة مختتمة بتاء التأنيث التي تقلب هاء عند الوقف، وهي قسمان: الأول : أن يكون قبلها ألف نحو: " وأقيموا الصلوة، وما الحيوة، علي حيوة ". وحكم الألف قبلها جواز قصرها وتوسطها ومدها كغيرها من المد العارض للسكون.
الثاني : أن يكون قبلها حرف غير الألف نحو: " الملئكة، كآفة، الجنة، رحمة، نعمة ". وليس فيها عند الوقف إلا سكون الهاء المبدلة من التاء، ولا يجوز في هذه الهاء بقسميها روم ولا إشمام، لأن الحركة إنما كانت للتاء، والهاء بدل عنها عند الوقف فلا حركة للهاء حتى يسوغ فيها الروم والإشمام فأما ما يوقف عليه بالتاء من هذا الباب تبعا لرسمه في المصاحب بالتاء فيدخله الروم والإشمام لأن الحركات حينئذ تكون للتاء وهي لازمة لها.
       ونقل صاحب نهاية القول المفيد عن العلامة ملا علي القاريء أنه علل منع دخول الروم والإشمام في هذه الهاء بقوله: " لأن المراد من الروم والإشمام بيان حركة الحرف الموقوف عليه حال الوصل. ولم يكن علي الهاء حركة في الوصل حتى يصح بيانها والإشارة إليها . إذ هي مبدلة من التاء معدومة في الوقف.  
       أما ما رسم بالتاء في المصاحف فإن الروم والإشمام يدخلان فيه لأنها تاء محضة وهي التي كانت في الوصل أهـ .
قال المحقق ابن الجزري :
وهاء تأنيث وميم الجمع مع                              عارض تحريك كلاهما امتنع
 
النوع التاسع :
أن يكون آخر الكلمة ساكنا بحسب الأصل ثم عرضت له الحركة في الوصل تخلصا من التقاء الساكنين نحو : "قم" من "قم اليل" "وأنذر" من "وأنذر الناس" و"رجت" من "ورجت الأرض" و"اشتروا" من "اشتروا الحيوة" و"عصوا" من "وعصوا الرسول". "ويكن" من " لم يكن الذين كفروا" وأنتم من "وأنتم الأعلون" و"لهم" من "قال لهم الناس" فالميم من قم، والراء من وأنذر والتاء من رجت والواو من اشتروا وعصوا، والنون من يكن، والميم من وأنتم ولهم ـ أقول إن هذه الحروف وأمثالها سواكن بحسب الأصل ولكن لما وقع بعدها ساكن ـ ولا يجمع بين ساكنين ـ تحركت تخلصا من التقاء الساكنين .
       ولا يوقف علي هذه الحروف إلا بالسكون المحض. ويمتنع فيها عند الوقف الروم والإشمام. لأن الأصل فيها السكون. والتحريك في الوصل إنما كان لعلة، وقد زالت في الوقف والإشمام والروم لا يدخلان السواكن .
       قال الإمام الشاطبي :
وفي هاء تأنيث وميم الجميع قل                         وعارض شكل لم يكونا ليدخلا
قال الإمام أبو شامة معللا منع الروم والإشمام في هذا النوع :
لأنه ليس هناك حركة حتى تفتقر ألي دلالة، والعلة الموجبة للتحريك في الوصل مفقودة في الوقف، لأن الساكن الثاني الذي تحرك الحرف الأول قد بانيه وانفصل عنه.
       فأما حركة نحو القاف في قوله تعالى : "ومن يشآق الله" فترام، وإن كانت حركة التقاء الساكنين، لأن الأصل يشاقق فأدغم وحرك وسببه دوام مصاحبة الساكن المدغم وصلا ووقفا أهـ .
       وأقول : أما إذا وقف علي يشاقق في نحو "ومن يشاقق الرسول" فلا يجوز في الوقف علي القاف إلا السكون المحض لأن تحركها في الوصل إنما كان للتخلص من التقاء الساكنين وقد زال في الوقف فرجعت القاف إلي أصلها وهو السكون فلا روم فيها .
والخلاصة :
أن حركة هذه الحروف وما شابهها لما كانت عارضة بسبب الساكن الذي جاء بعدها حال الوصل لم يعتد بها عند الوقف لأنها تزول عند الوقف لذهاب المقتضي لها وهو اجتماع الساكنين، فلا وجه للروم والإشمام حينئذ.
وهذا النوع هو المسمي عند العلماء "عارض الشكل" أي الشكل الذي عرض للحرف وصلا بقصد التخلص من التقاء الساكنين.
       ومن هذا النوع "يومئذ وحينئذ" لأن أصل الذال فيهما ساكنة وإنما كسرت من أجل ملاقاتها سكون التنوين. فلما وقف عليها زال الذي من أجله كسرة فعادت الذال إلي أصلها وهو السكون وهذا بخلاف : "كل، وجوار، وغواش" عند الوقف عليها فإن "كل" يجوز دخول الروم والإشمام فيها إذا كانت مرفوعة، ويجوز دخول الروم فيها إذا كانت مجرورة، ويجوز دخول الروم في : "غواش، وجوار".
       قال المحقق ابن الجزري في النشر: لأن التنوين في هذه الكلمات دخل علي متحرك، فالحرة فيها أصلية فكان الوقف عليها بالروم والإشمام حسنا. أهـ .
       وقال العلامة أبو شامة: فأما يومئذ وحينئذ فبالإسكان تقف عليه لأن الذي من أجله تحركت الذال يسقط في الوقف فترجع الذال إلي أصلها وهو السكون فهو بمنزلة " لم يكن الذين" وشبهه وليس هذا بمنزلة "غواش وجوار" وإن كان التنوين في جميعه دخل عوضا عن محذوف لأن التنوين في هذا دخل علي متحرك. فالحركة أصلية والوقف عليه بالروم حسن. والتنوين في يومئذ وحينئذ دخل علي ساكن فكسر لالتقاء الساكنين علي الأصل والله أعلم.
 
النوع العاشر :  
أن يكون آخر الكلمة ميم جمع نحو: "عليهم غير المغضوب عليهم" ولا يجوز الوقف عليها إلا بالسكون المحض عند جميع القراء. سواء في ذلك من أسكنها في الحالين ومن أسكنها وقفا، ووصلها بواو وصلا ، ولا يجوز دخول الروم ولا الإشمام فيها اتفاقا كما أشار إليه الإمام الشاطبي والإمام ابن الجزري سابقا .
       أما عند من اسكنها في الحالين فلأن الروم والإشمام لا يدخلان السواكن كما سبق. وأما عند من أسكنها وقفا ووصلها بواو وصلا كابن كثير وأبي جعفر وغيرهما فلأنها ساكنة أصلا، وحركتها عارضة لأجل واو الصلة، فإذا ذهبت الحركة بالوقف علي الميم رجعت الميم إلي أصلها وهو السكون فامتنع دخول الروم والإشمام فيها. ويفهم مما تقدم مايلي:
الأول :
أن الروم والإشمام لا يدخلان آخر الكلمة إذا تحرك بالفتحة سواء كانت فتحة إعراب أم بناء : وسواء كان آخر الكلمة همزاً أم غيره، وسواء كان مشددا أم مخففا، وسواء كان قبل الآخر حرف مد ولين، أم حرف لين فقط، أم حرف صحيح، وقد مثلنا لجميع ماذكر، وإنما لم يدخل الروم في المتحرك بالفتحة، لأن الفتحة خفيفة سريعة في النطق، فإذا خرج بعضا خرج سائرها، فهي لا تكاد تخرج إلا كاملة. ومن أجل ذلك لا تقبل التبعيض الحركة كما تقدم.
       وإنما لم يدخل الإشمام في المحرك بالفتحة لآن ضم الشفتين عقب إسكان الحرف المفتوح أو المنصوب يدل علي أنه مضموم أو مرفوع وذلك لا يجوز.
 
الثاني :  
أنهما لا يدخلان تاء التأنيث التي تقلب هاء عند الوقف، ولا الحرف الذي عرضت له الحركة للتخلص من التقاء الساكنين، ولا ميم الجمع، وقد تقدم بيان العلة في ذلك كله.
 
الثالث :
أن الإشمام لا يدخل الحرف المحرك بالكسر لأن ضم الشفتين عقب إسكان الحرف المكسور أو المجرور يدل علي أنه مضموم أو مرفوع. وهذا خطأ.
 
الرابع : 
أن الروم يدخل الحرف المحرك بالكسرة سواء كانت كسرة إعراب أم كسرة بناء، ويدخل الحرف المحرك بالضمة سواء كانت ضمة إعراب أم ضمة بناء . لأن كلا من الكسرة والضمة ثقيل فيقبل التبعيض والله تعالى أعلم.
 
(( الوقف والابتداء، السكت، القطع ))
       الوقف معناه لغة: الكف والمنع عن القول والفعل أي تركهما، واصطلاحا: قطع الصوت علي الكلمة القرآنية زمنا يتنفس فيه عادة مع قصد الرجوع إلي القراءة، إما بمايلي الحرف الموقوف عليه، إن صلح الابتداء به أو بالحروف الموقوف عليه أو بما قبله، مما يصلح الابتداء به، ولا بد في الوقف من التنفس معه.
       ويكون الوقف في رءوس الآي، وفي أوساطها. ولا يكون في وسط الكلمة ولا فيما اتصل رسما.
قال المحقق ابن الجزري:
وفيهما رعاية الرسم اشترط
وينقسم الوقف إلي أربعة أقسام:  
 
 
القسم الأول : الوقف الاضطراري :
       وهو الذي يعرض للقاريء أثناء قراءته، ويضطر إليه اضطرار بسبب انقطاع نفس، أو ضيقه، أو عجز عن القراءة، أو نسيان لها، أو غلبة ضحك، أو بكاء، أو نوم، أو عطاس، أو عروض أي عذر من الأعذار التي لا يمكن معها من وصل بعضها ببعض. حتى يقف علي ما يصح الوقف عليه. فحينئذ يجوز للقاريء الذي عرض له شيء مما ذكر الوقف علي أية كلمة وإن لم يتم المعني.
       ثم يجب عليه بعد أن يعود إلي الكلمة التي وقف عليها فيبتدئ بها إن صلح الابتداء بها، وإلا ابتدأ من كلمة قبلها يصلح الابتداء بها.
 
 
القسم الثاني : الوقف الأختباري
(بالباء التحية الموحدة)
وهو أن يأمر الأستاذ تلميذه مثلا بالوقف علي كلمة ليختبره في حكمها من قطع أو وصل، أو إثبات، أو حذف، أو وقف عليها بالتاء أو بالهاء.
       فمتعلق هذا الوقف الرسم لبيان المقطوع من الكلمات والموصول منها، والثابت والمحذوف، والمرسوم بالتاء، والمرسوم بالهاء، ليقف علي المقطوع بالقطع، والموصول بالوصل، وعلي الثابت رسما بالإثبات، والمحذوف بالحذف.
       وليقف بالتاء علي بعض الكلمات وبالهاء علي بعضها. ولا يوقف علي هذا إلا لسؤال ممتحن، أو تعليم قارئ كيف يقف إذا اضطر إلي الوقف لأنه قد يضطر إلي الوقف علي شيء فلا يدري كيف يقف عليه.
       وحكم هذا الوقف الجواز علي أن يعود إلي الكلمة التي وقف عليها فيبدأ بها ويصلها بما بعدها إن صلح البدء بها، وإلا بدأ من كلمة قبلها من الكلمات التي يصح البدء بها.
 
 
القسم الثالث : الوقف الانتظاري
وهو الوقف علي الكلمة القرآنية ذات الخلاف ليستوعب ما فيها من القراءات، والروايات، والطرق، والأوجه، ولا يكون ذلك إلا في حال تلقي الطالب علي الشيخ، وجمعه القراءات السبع أو العشر. ولا يشترط في هذا الوقف ولا فيما قبله تمام المعني. فللقارئ أن يقف علي أية كلمة ليبين حكمها من حيث الرسم، أو ليستوعب مافيها مهما كان تعلقها بما قبلها أو بما بعدها.
       وحكم هذا الوقف الجواز، ويقال فيه ماقيل فيما قبله من حيث البدء.
قال المنصوري :
ذا لازم تام وكاف أو حسن               والقبح لا تقربه صاح كن فطن
 
 
القسم الرابع : الوقف الاختياري
(بالياء المثناة التحتية)
       وهو الوقف الذي يعمد القاريء إليه بمحض اختباره وإرادته، لملاحظته معني الآيات، وارتباط الجمل، وموقع الكلمات دون أن يعرض له ما يقتضي الوقف من عذر،أو ضرورة، أو تعلم حكم، أو إجابة عن سؤال. وهذا القسم هو المراد بالوقف عند الإطلاق، بمعني أنه إذا ذكر لفظ قف، أو إذا قيل يوقف علي كذا أو الوقف علي كذا تام، أو كاف ـ أو نحو ذلك لا يراد به إلا الوقف الاختباري.
       قال المنصوري :
الوقف للتعليم أو ضيق النفس                            أولامتحان واختبار يقتبس.
 
النوع الأول : الوقف اللازم :
وهو الوقف علي كلام تام لو وصل بما بعده لأوهم وصله معني غير المعني المراد.
       ومن أمثلته الوقف علي "قولهم" من قوله تعالى في سورة يونس: "ولا يحزنك قولهم"  فالوقف علي "قولهم" لازم. لأنه لو وصل بقوله تعالى: "إن العزة لله جميعا" لأوهم هذا الوصل أن جملة "إن العزة لله جميعا" من مقول الكافرين، وليس كذلك. بل هي من مقول الله تعالى. ومثل هذه الآية سواء بسواء قوله تعالى في سورة يس: "فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون" ومن أمثلته الوقف علي "أبناءهم" من قوله تعالى في سورة الأنعام: "الذين ءاتينهم الكتب يعرفونه كما يعرفون أبناهم " فالوقف عليه لازم لأنه لو وصل بقوله تعالى: "الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون" لأوهم هذا الوصل أن هذه الجملة صفة أبناءهم . وليس كذلك . لفساد المعني، بل هي جملة مستأنفة.
       ومن أمثلته الوقف علي "عنهم" في قوله تعالى في سورة القمر: " فتول عنهم" ، فالوقف عليه لازم لأنه لو وصل بقوله تعالى: "يوم يدع الداع" لأوهم وصله أن يوم ظرف لقوله فتول. وليس كذلك. بل هو ظرف لقوله تعالى " يخرجون ".
       وحكم هذا الوقف اللزوم، وقيل الوجوب، ولذلك يسميه بعضهم الوقف الواجب بدلا من اللازم، وليس المراد بوجوبه الوجوب الشرعي الذي يترتب عليه جودة القراءة، وحسن الأداء، وجمال الترتيل.
وقد جمع الوقف اللازم في قول المنصوري:
 
الوقف اللازم
وقال الشاعر :
وقف لزم قد عن أهل الأدا
في وصله لفظا ومعنى أفسدا
في البكر أربعة كذا في المائدة
أو ما يلي فيها ثلاث مسنده
تنتا بعمران النسا قد فضلت
الأعراف يونس هود نحل أفردت
مع ما يلي ثم القصص والعنكبا
من قبل ياسين القمر قد أحجبا
في غافر عن جلهم حرف أتى
خمس كذا عشرون عد يا فتى
 
النوع الثاني : الوقف التام
وهو الوقف على كلام تام لم يتعلق ما بعده به لا لفظا ولا معنى. وأكثر ما يكون في أواخر السور، وأواخر الآي، وعن انقضاء القصص، وعند الانتهاء من مقام خاص وموضوع معين والانتقال عنه إلي مقام آخر وموضوع آخر.
       ومن أمثلته: الوقف على " مبين " في قوله تعالى في سورة الصافات " ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين[1] " فالوقف عليه تام لأنه نهاية قصة إبراهيم عليه السلام.
       ومن الأمثلة أيضا الوقف على " الصلحين "| في قوله تعالى في سورة يوسف " توفني مسلما وألحقني بالصلحين[2] " فالوقف عليه تام، لأنه تمام قصة يوسف عليه السلام.
       ومن الأمثلة الوقف علي " يتقون " في قوله تعالى " كذلك يبين الله ءايته للناس لعلهم يتقون [3]" في سورة البقرة، فالوقف عليه تام لأنه نهاية الكلام علي موضوع الصيام وبيان أحكامه.
       وقوله تعالى: " ولا تأكلوا أمولكم بينكم بالبطل[4] " ـ الآية انتقال إلي موضوع آخر وبيان لحكمه.
       ومن الأمثلة الوقف على " معاذيره " في قوله تعالى في سورة القيامة " ولو ألقي معاذيره[5] " فالوقف عليه تام، لأنه نهاية القول علي ذكر طرف من أحوال يوم القيامة. وقوله تعالى " لا تحرك به لسانك لتعجل به[6] " بيان لموضوع آخر كما لا يخفي.
       ويندر وقوع الوقف التام في ثنايا الآيات، ومنه الوقف على شهيدا "في قوله تعالى في سورة البقرة  " ويكون الرسول عليكم شهيدا [7]" والوقف علي  " والميزان " في قوله تعالى في سورة الشورى " الله الذي أنزل الكتب بالحق والميزان [8]" والوقف علي " ذكر" في قوله تعالى في سورة ص " هذا ذكر[9] ". وسمي هذا الوقف تاما لتمام المعني وكماله عند الكلمة الموقوف عليها، وعدم الاحتياج إلي مابعدها لا من جهة اللفظ، ولا من جهة المعني.
       وحكمه أنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده، والوقف عليه أولي من الوصل.
 
النوع الثالث : الوقف الكافي
وهو الوقف علي كلام تام تعلق ما بعده به من حيث المعنى، ولم يتعلق به من حيث اللفظ.
       وأكثر ما يكون في أواخر الآيات، ويكثر في أثنائها.
       ومن أمثلته في أواخر الآيات الوقف على " قنتون " في قوله تعالى في سورة البقرة " كل له قنتون[10] ". وعلى قوله " يعقلون " في قوله تعالى في سورة الحجرات " أكثرهم لا يعقلون[11] ". وعلي قوله " الخلود "في قوله تعالى في سورة ق " ذلك يوم الخلود[12] ".
       ومن أمثلته في ثنايا الآيات الوقف على " بلى " في قوله تعالى في سورة البقرة " بلى من كسب سيئة[13] ". وقوله تعالى " بلى من أسلم وجهه لله[14] ". والوقف على " نفوسكم " في سورة الإسراء في قوله تعالى " ربكم أعلم بما في نفوسكم[15] ".
       وسمي هذا الوقف كافيا للاكتفاء به واستغنائه عما بعده لعدم تعلقه به من جهة اللفظ وإن تعلق به من جهة المعني. وهذا الوقف أكثر الوقوف ورودا في القرآن الكريم.
       وحكمه ـ كالوقف التام ـ أنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده والوقف عليه أولي من الوصل.
       وبناء علي هذا يكون حكم كل من الوقفين التام والكافي واحدا، نظرا لانتفاء التعلق اللفظي في كل منهما غير أن الوقف علي التام يكون أكثر حسنا من الوقف الكافي.
 
 
النوع الرابع : الوقف الحسن
       وهو الوقف علي كلام تام تعلق ما بعده به من حيث اللفظ، ومن حيث المعني معاً، وينبغي أن يعلم أنه يلزم من التعلق في اللفظ التعلق في المعني ولا عكس، أي لا يلزم من التعلق في المعني التعلق في اللفظ.
       والمراد بالتعلق اللفظي التعلق من جهة الإعراب، كأن يكون مابعد اللفظ الذي يوقف عليه شديد التعلق باللفظ، أو بما قبله، أو صفة له، أو حالا منه، أو معطوفا عليه، أو مستثني منه.
       ومن أمثلته الوقف على " المؤمنون " في سورة الروم في قوله تعالى: " ويومئذ يفرح المؤمنون " [16] فإن قوله تعالى " بنصر الله " شديد التعلق بقوله " يفرح المؤمنون ". وهذا مثال شديد التعلق.
       ومن الأمثلة: الوقف على " جنت " من قوله تعالى في سورة الحديد " بشراكم اليوم جنت [17]" فإن جملة " تجري من تحتها الأنهر " صفة لجنات، وهذا مثال الصفة.
       ومن الأمثلة: الوقف على " أرسلنك " في قوله تعالى في سورة الأحزاب " يأيها النبي إنا أرسلنك[18] " فإن قوله تعالى لله شهداً " حال من الضمير المفعول في أرسلناك، وهذا مثال الحال.
       ومن الأمثلة الوقف على " الخلق " في قوله تعالى في سورة الروم " الله يبدؤ الخلق[19] " لأن قوله تعالى " ثم يعيده " معطوف علي " يبدؤا " وهذا مثال العطف .
       ومن الأمثلة الوقف على " سلطن " من قوله تعالى في سورة الحجر " إن عبادي ليس لك عليهم سلطن[20] " فإن قوله تعالى :  " إلا من اتبعك من الغاوين " مستثني من الضمير المجرور في عليهم.
       وسمي هذا الوقف حسنا لإفادته يحسن السكوت عليها.  
       وحكم هذه الألفاظ وما شابهها أنه يحسن الوقف عليها ولكن لا يحسن الابتداء بما بعدها نظرا للتعلق اللفظي الإعرابي. فإذا وقف القاريء على لفظ من هذه الألفاظ أو ما ماثلها استحب له أن يصله بما بعده. وإلا كان ابتداؤه قبيحا إذ أن الابتداء بما يتعلق بما قبله لفظا قبيح. اللهم إلا إذا كان اللفظ الذي يوقف عليه رأس آية فإنه يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده مهما كان بينهما من تعلق لفظي ومعنوي.
 
وقف المراقبة
       وقد سماه بعض أهل الأداء وقف المعانقة أي إذا تعانق الوقفان بأن اجتمعا في محل واحد فلا يصح للقاريء أن يقف علي كل منهما بل إذا وقف علي أحدهما امتنع علي الآخر لئلا يختل المعني.
       قال ابن غازي في شرحه علي الجزرية: قد يجيزون الوقف على حرف ويجيز آخرون الوقف علي آخر ويكون بين الوقفين مراقبة علي تضاد فإذا وقف على الأول امتنع الوقف علي الثاني .
       كمن أجاز الوقف علي قوله: " لا ريب " فإنه لا يجيزه على " فيه " والذي يجيزه علي " فيه " لا يجيزه علي " لا ريب " .
       وقد ورد هذا الوقف في القرآن في سبعة مواضع وهي:
1- في سورة البقرة من قوله تعالى: " ذلك الكتب لا ريب فيه هدي للمتقين " آية رقم(2).
2- الموضع الثاني في سورة البقرة من قوله تعالى: " ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين " آية رقم(195).
3- الموضع الثالث في سورة المائدة من قوله تعالى: " قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض " آية رقم (26).
4- الموضع الرابع في سورة المائدة من قوله تعالى: " يأيها الرسول لا يحزنك الذين يسرعون في الكفر من الذين قالوا ءامنا بأفوههم ولم تؤمن قلوبهم ومن الذين هادوا سمعون للكذب " الآية رقم(41).
5- الموضوع الخامس في سورة الأعراف من قوله تعالى: " وإذا أخذ ربك من بني ءادم من ظهورهم ذرتيهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين " آية رقم ( 172 ) .
6- الموضع السادس في سورة إبراهيم من قوله تعالى :" ألم يأتكم نبؤا الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله " الآية رقم ( 9 ) .
7ـ الموضع السابع في سورة محمد قوله تعالى : " حتى تضع الحرب أوزارها ذلك " الآية رقم(4 ) .
قال المنصوري :
إن يجتمع في الفاصله حرفان              قف أولا أوقف فقط في الثاني
لا وقف في كلتيهما فيما أتي               في الأولى قف أو ثانية ياذا الفتى
سبع أتتك مراقبه في الذكر                 قف أولا أو آخرا كي تدري
لا ريب قل أو أحسنوا بالبقرة              والمائدة هادوا سنه من خبره
قالوا بلى الأعراف أو من بعدهم           في إبراهيم أوزارها عن جلهم
 
الوقف النبوي
وسماء بعض أهل الأداء وقف جبريل عليه السلام ، فقد كان r يتعمد الوقف على تلك الوقوف وغالبها ليس رأس آية وما ذلك إلا لعلم لدني علمه من علمه وجهله من جهله . فاتباعه سنة في أقواله وأفعاله ـ هـ . من كلام العلامة الإمام السخاوي .
وقال صاحب كتاب انشراح الصدور في تجويد كلام الغفور أن مواضع هذه الوقوف سبعة عشر موضعا وفيما يلي نص كلامه :
" اعلم أن الوقوف المندوبة التي كان النبي r يتحرى الوقوف عليها سبعة عشر موضعا :
الأول : " فاستبقوا الخيرات " بالبقرة آية ( 148 ) .
الثاني :" قل صدق الله " بآل عمران آية ( 95 ) .
الثالث : " فاستبقوا الخيرات " بالمائدة آية ( 498 ) .
الرابع : " ما ليس لي بحق " بالمائدة آية ( 116 ) .
الخامس : " أن أنذر الناس " بيونس آية ( 2 ) .
السادس :" ولا يحزنك قولهم " بيونس آية ( 65 )
السابع : " قل هذه سبيل أعوا إلى الله " بيوسف آية ( 108 ) .
الثامن : " كذلك يضرب الله الأمثال " بالرعد آية ( 17 ) .
التاسع :" والأنعام خلقها " بالنحل آية ( 5 ) .
العاشر :" إنما يعلمه بشر " بالنحل آية ( 103 ) .
الحادي عشر :" يبني لا تشرك بالله " لقمان آية ( 13 ) .
الثاني عشر : " كمن كان فاسقاً " بالسجدة آية ( 18 ) .
الثالث عشر :" أنهم أصحاب النار " بغافر آية ( 6 ) .
الرابع عشر : " ثم أدبر يسعى فحشر " بالنازعات الآية ( 23 ) .
الخامس عشر :" ليلة القدر خير من ألف شهر " بالقدر آية ( 3 ) .
السادس عشر : " من كل أمر " بالقدر آية ( 4 ) .
السابع عشر : " فسبح بحمد ربك واستغفره " بالنصر آية ( 3 ) .
 
وزاد بعضهم الوقف على الظالمين " من قوله تعالى :" والله لا يهدي القوم الظالمين " آية رقم 19 سورة التوبة .
 
قال المنصوري :
إليك وقوف المصطفي أفضل الورى       وعدتها عشر وسبع لدى الملا
قل استبقوا الخيرات في بقرة تغز          مع استبقوا الخيرات مائدة العلا
وقل صدق الله بعمران ليس لي            بحق أتى ي ضمن مائدة الأولى
خذ الناس أيضا بعد أنذر بيونس            ويحزنك قولهم كذاك بها علا
وأدعو إلى الله بيوسف يا فتي              والأمثال في رعد فكن متأهلا
والأنعام خلقها يعلمه بشر                  بنحل وفي اللقمان بالله يجتلى
وسجدة فاسقا كذا النار غافر               فقبل الذين يحملون تأملا
وبالنزع حاحشر وشهر بقدرهم             وأمر بها استغفره بالنصر يا فلا
فخذ سبعة من بعد عشرا يا فتى            موزعة في الذكريا من قد تلا
والبعض زيد الظالمين بتوبة        قبيل الذين آمنوا فتبجلا
 
الوقف على قوله بلى ونعم
أعلم أن بلى وقعت في القرآن في اثنين وعشرين موضعا ، وأنها على ثلاثة أقسام . قسم يختار الوقف عليه. وقسم اختلف فيه فمنهم من جوز الوقف عليه ومنهم من منعه. وقسم يمتنع الوقف عليه .
 
القسم الأول :
ما يختار عليه الوقف فعشرة مواضع :
الأول : في سورة البقرة من قوله تعالى :" أم تقولون على الله ما لا تعلمون بلى " آية رقم ( 81 ) .
الثاني : في سورة البقرة أيضا من قوله تعالى : قل هاتوا برهنكم إن كنتم صادقين بلى " آية رقم (112) .
الثالث : في سورة البقرة أيضا من قوله تعالى :" قال أولم تؤمن قال بلى " آية رقم ( 260 ) .
الرابع : في آل عمران من قوله تعالى : " ويقولون على الله الكذب وهم يعلمون بلى " آية رقم(76) .
الخامس : في سورة الأعراف من قوله تعالى : " ألست بربكم قالوا بلى " آية رقم ( 172 ) .
السادس : في أمول موضعي النحل من قوله تعالى :" ما كنا نعمل من سوء بلى " آية ( 28 ) .
السابع : في سورة يس من قوله تعالى :" أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلها بلى " الآية رقم ( 81 ) .
الثامن : في سورة غافر من قوله تعالى :" قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينت قالوا بلى " آية رقم ( 50 ) .
التاسع : أول موضعي الأحقاف من قوله تعالى :" ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحي الموتى بلى " آية رقم ( 23 ) .
العاشر : في سورة الانشقاق من قوله تعالى : " إنه ظن أن لن يحور بلى " آية رقم ( 15 ) .
قال بعضهم فيما يمدح الوقف عليها وهي العشرة المواضع المتقدمة .
 
ففي البقرة فقف على قبل من كسب               ومن قبل من أسلم وقال بلى
ومن قبل من أوفى بعمران فافهمن         وقبل شهدنا أن بأعرافها اعتلى
ومن قبيل إن الله بالنحل يافتى             وقبل هو الخلاق ياسين فانقلا
وقالوا بلى يأتيك حقا بغافر                وأحقافهم أيضا بلى إنه علا
يحور بلى للانشقاق ختامها                وقالوا نعم وقف وباقي نعم فلا
 
القسم الثاني من بلى :
وأما ما اختلف فيه فخمسة أحرف :
الأول : في سورة آل عمران من قوله تعالى :" إذ تقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة ءالف من الملائكة منزلين بلى " آية رقم ( 125 ) .
الثاني : في سورة الزمر من قوله تعالى :" قالوا بلى ولكن حققت كلمة العذاب " آية رقم ( 71 ) .
الثالث : في سورة الزخرف من قوله تعالى :" أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا " أية رقم ( 80 ) .
الرابع : في سورة الحديد من قوله تعالى :" قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم " آية رقم ( 14 ) .
الخامس : في سورة الملك من قوله تعالى :" ألم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير " آية رقم ( 9 ) .
قال بعضهم :
ولفظ بلى إن تصبر واقف أو اتركن               ومن بعد نجواهم بزخرفهم بلى
وقالوا بلى في الملك حقا وفي الزمر       وفي سورة الحديد أيضا تكملا
 
القسم الثالث من بلى :
وهو سبعة مواضة يمتنع الوقف عليها .
الأول : في سورة الأنعام من قوله تعالى : " قالوا أليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا " آية رقم ( 30 )
الثاني : في سورة النحل من قوله تعالى :" قل بلى و ربي لتأتينكم " آية رقم ( 38 ) وهو الموضع الثاني بالنحل .
الثالث : في سورة سبأ من قوله تعالى :" قل بلى وربي لتأتينكم " آية رقم ( 3 ) .
الرابع : في سورة الزمر من قوله تعالى :" بلى قد جاءتك ءايتي " وهو الموضع الأول من سورة الزمر آية رقم ( 59 ) .
الخامس : في سورة الأحقاف في ثاني حرفيها من قوله تعالى :" قالوا بلى وربنا " آية رقم ( 34 )
السادس : في سورة التغابن من قوله تعالى : قل بلى وربي لتبعثن " آية رقم ( 7 )
السابع : في سورة القيامة من قوله تعالى : " بلى قدرين على أن نسوي بنانه " آية رقم ( 4 ) .
قال بعضهم :
فقالوا بلى وربنا موضعاجا                في الأنعام والأحقاف للوقف أبطلا
وأيضا بلى وعدا عليه بنحلهم       وحقا بلى قد جاء في الزمر العلا
وفي سبأ ثم التغابن قل بلى                بلى قادرين بالقيامة يا فلا
 
الوقف على " نعم "
وأما لفظ " نعم " فالواقع منه في القرآن أربعة مواضع يوقف على واحد منها والثلاثة الباقية لا يوقف عليها ولا يبتدأ إلا بما قبلها . فأما الذي يوقف عليه فالأول من الأعراف من قوله تعالى :" فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم " آية رقم ( 44 ) . وأما الثلاثة التي لا يوقف عليها فواحد بالأعراف من قوله تعالى :" قال نعم وإنكم لمن المقربين " أية رقم ( 114 ) وواحد بالشعراء من قوله تعالى :" قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين " آية رقم ( 42 ) . وواحد بالصفات من قوله تعالى :" قل نعم وأنتم وآخرون " آية رقم ( 18 )
نعم في الذكر أربعة أنت            في الأولى قف والباقي صلها يا أبت
 
الوقف على " كلا "
وأما لفظ كلا فالواقع منه في القرآن ثلاثة وثلاثون موضعا في خمس عشرة سورة وهي كلها في النصف الأخير من القرآن الكريم وفي السور الملكية منه . قال شيخنا القاضي رحمه الله :
وما نزلت كلا بيثرب فاعلمه              ولم تأت في القرآن في نصفه الأعلى
قال السيوطي في الإتقان قال مكي(1) هي أربعة أقسام :
القسم الأول :
ما يحسن الوقف عليها على معنى الردع وهو الاختيار ، ويجوز الابتداء بها على معنى حقا وذلك أحد عشر موضعا :
الأول : في سورة مريم من قوله تعالى :" أطلع الغيب أم اتخذ عند الرحمن عهداً كلا " آية رقم ( 79 )
الثاني : في سورة مريم أيضا من قوله تعالى :" واتخذوا من دون الله ءالهة ليكونوا لهم عزاً كلا " آية رقم ( 82 ) .
الثالث : في سورة المؤمنون من قوله تعالى : " لعلي أعمل صالحاً فيما تركت كلاً " آية رقم ( 100)              
الرابع : في سورة سبأ من قوله تعالى :" قل أروني الذين ألحقتم به شركاء كلا " أية رقم ( 27 ) .
الخامس : في سورة المعارج من قوله تعالى : " ثم ينجيه كلا " آية رقم(15).
السادس : في سورة المعارج أيضا من قوله تعالى: " أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة نعيم كلا " آية رقم(38).
السابع : في سورة المدثر من قوله تعالى : " ثم يطمع أن أزيد كلا " آية رقم (16).
الثامن : في سورة المدثر أيضا من قوله تعالى: " بل يريد كل امرىء منهم أن يؤتي صحفا منشرة كلا " آية رقم ( 53).
التاسع : من سورة المطففين من قوله تعالى : " قال أسطير الأولين كلا " آية رقم (14).
العاشر : في سورة الفجر من قوله تعالى : " أهن كلا " آية رقم (17).
الحادي عشر : في سورة الهمزة من قوله تعالى : " يحسب أن ماله أخلده كلا " آية رقم (5).
 
القسم الثاني من كلا :
       القسم الثاني من " كلا " مالا يحسن الوقف عليها ولا الابتداء بها بل توصل بما قبلها وبما بعدها وهو موضعان :
الأول : في سورة النبأ من قوله تعالى : " ثم كلا سيعلمون " آية رقم (5).
الثاني : في سورة التكاثر من قوله تعالى : " ثم كلا سوف تعلمون " آية رقم (4).
 
القسم الثالث من " كلا " :
     القسم الثالث ما يحسن الوقف عليها، ولا يجوز الابتداء بها بل توصل بما قبلها وهو موضعان :
الأول : في سورة الشعراء من قوله تعالى : " أن يقتلون قال كلا " آية رقم (15).
الثاني : في سورة الشعراء أيضا من قوله تعالى : " قال أصحب موسي إنا لمدركون. قال كلا " آية رقم (62).
 
القسم الرابع من "كلا" :
       القسم الرابع مالا يحسن الوقف عليها ولكن يبتدأ بها وهو الثماني عشرة الباقية:
الأول : في سورة المدثر من قوله تعالى : " كلا والقمر " آية رقم (32).
الثاني : في سورة المدثر أيضا من قوله تعالى : "كلا إنه تذكرة " آية رقم (54).
الثالث : في سورة القيامة من قوله تعالى : " كلا لاوزر " آية رقم (11).
الرابع : في سورة القيامة أيضا من قوله تعالى : " كلا بل تحبون العاجلة " آية رقم (20).
الخامس : في سورة القيامة أيضا من قوله تعالى : " كلا إذا بلغت التراقي " آية رقم (26).
السادس : في سورة النبأ من قوله تعالى : " كلا سيعلمون " آية رقم (4).
السابع : في سورة عبس من قوله تعالى : " فأنت عنه تلهي كلا إنه تذكرة " آية رقم (11).
الثامن : في سورة عبس أيضا من قوله تعالى : " ثم إذا شاء أنشره كلا لما " آية رقم (23).
التاسع : في سورة الانفطار من قوله تعالى : " ركبك كلا بل " آية رقم (9).
العاشر : في سورة التطفيف من قوله تعالى : " لرب العلمين كلا إن " آية رقم (7).
الحادي عشر : في سورة التطفيف أيضا من قوله تعالى : " ماكانوا يكسبون كلا إنهم " آية رقم (15).
الثاني عشر : في سورة التطفيف أيضا من قوله تعالى : " تكذبون كلا إن كتب الأبرار " آية رقم (18).
الثالث عشر : في سورة الفجر من قوله تعالى : " وتحبون المال حبا جما كلا إذ1 دكت الأرض " آية رقم (21).
الرابع عشر : في سورة العلق من قوله تعالى : " كلا إن الإنسن،
والخامس عشر :
والسادس عشر : كلا لئن لم، كلا لا تطعه " ثلاثتها بسورة العلق آيات رقم (6)،(15)،(19).
السابع عشر : في سورة التكاثر من قوله تعالى : " كلا سوف تعلمون" آية رقم (3).
الثامن عشر : في سورة التكاثر أيضا من قوله تعالى : "كلا لو تعلمون" آية رقم (5).
                                       
                                        النوع الخامس
الوقف القبيح
       الوقف القبيح. وهو الوقف علي لفظ لا يفهم السامع منه معني، ولا يفيده فائدة يحسن سكوته عليها لشدة تعلقه بما بعده به من جهتي اللفظ والمعني جميعا.
       وذلك نحو الوقف علي المبتدأ والابتداء بالخبر. والوقف علي الجار والابتداء بالمجرور، والوقف علي المقسم به، والبدء بالمقسم عليه.
       والوقف علي فعل الشرط والبدء بجوابه. والوقف علي الاسم الموصول والبدء بصلته، وما إلي ذلك من الأوقاف التي لا تتم بها جملة ولا يفهم منها معني . فلا يسوغ الوقف عليها إلا لضرورة ثم توصل بما بعدها ومن الوقف القبيح الوقف علي مايوهم خلاف المعني المراد نحو الوقف علي : " لا تقربوا الصلوة " والوقف علي " إني كفرت " والوقف علي : " إن الله لا يستحي، إن الله لا يهدي" فلا يوقف علي ذلك وأمثاله لإفساده المعني المراد وإيهامه مالا يليق بالله تعالى.
       فالوقف علي ذلك اختبارا بدون قصد، قبيح فعلي القاريء أن يرجع إلي استئناف الكلام بما يفيد المعني التام ولا إثم بدون قصد، ولا يقصد تغيير المعني بالوقف علي مثل هذه الألفاظ مؤمن.
       وأعلم أنه لا يوجد في القرآن وقف واجب بحيث يأثم القاريء بتركه، ولا حرام بحيث يأثم بفعله لأن الوقف والوصل لا يدلان علي معني يفوت بذهابهما إلا لسبب يستدعي تحريمه كأن يقصد الوقف علي ما تقدم ذكره، فإن لم يقصد فلا إثم ولا حرج. قال المحقق ابن الجزري :
وليس في القرآن من وقف وجب 
                                                ولا حرام غير ماله سبب
 
تقسيم الابتداء
       ينقسم الابتداء إلي حسن وقبيح.
       فالحسن هو الابتداء بلفظ بعد وقف تام أو كاف.
والقبيح هو الابتداء بلفظ من متعلقات جملة كالابتداء بالمفعول به، أو الحال، أو التمييز، أو المعطوف، أو البدل، أو أشبه ذلك. 
       وأقبح منه الابتداء بلفظ يغير المعني المراد ويقلبه إلي معني فاسد كالابتداء بقوله تعالى: " وإياكم أن اتقوا الله " وقوله : " وإياكم أن تؤمنون بالله ربكم " وقوله سبحانه: " يد الله مغلولة " وقوله : " إن الله فقير " وقوله: " إني إله من دونه " وقوله: " لا أعبد الذي فطرني " إلي غير ذلك. فيجب علي القاريء أن يتحري الصواب في الابتداء ما استطاع إلي ذلك سبيلا .
                                           
                                            السكت
       السكت معناه لغة الامتناع، واصطلاحا قطع الصوت زمنا دون الوقف عادة من غير تنفس مع قصد القراءة.
       قال الإمام المحقق ابن الجزري: وهو مقيد بالسماع، فلا يجوز إلا فيما ثبت فيه النقل، وصحت به الرواية أهـ .
       ولم يسكت حفص من طريق الحرز إلا علي :
1- الألف المبدلة من التنوين في "عوجا" من قوله تعالى في سورة الكهف "ولم يجعل له عوجا".
2- نون "من" في قوله تعالى: "وقيل من راق" في سورة القيامة.
3- نون "من" في قوله تعالى: "وقيل من راق" في سورة القيامة.
4- لام بل في قوله تعالى: "بل ران علي قلوبهم" في سورة التطفيف. وله من طريق النشر الوجهان السكت وعدمه قال المحقق:
وألفي مرقدنا وعوجا                      بل ران من راق لحفص الخلف جا
       قال الإمام الشاطبي رضي الله عنه في الحرز:
وسكتة حفص دون قطع لطيفة                    علي ألف التنوين في(عوجا) بلا
وفي نون (من راق)و(مرقدنا) ولام (بل ران) والباقون لا سكت موصلا وحكمة السكت في "عوجا" إيضاح المعني. ودفع توهم أن "قيما" نعمت "عوجا"، وإنما حال من الكتاب، أو منصوب بفعل مضمر أي جمله قيما.
       وحكمة السكت في "مرقدنا" دفع توهم أن اسم الإشارة صفة "مرقدنا" وإنما هو مبتدأ.
       وحكمة السكت علي نون "من راق" الإشعار بأنهما كلمتان، وليس اللفظ كلمة واحدة علي وزن "فعال" صيغة مبالغة، ومثل ذا يقال في لام "بل ران" والله تعالى أعلم.
       وقد ذكرنا في باب المثلين أن "ماليه" في سورة الحاقة يجوز لحفص في هائه وجهان عند الوصل .
       الأول : إدغامها في هاء هلك، نظرا لأنهما مثلان سكن أولهما فأدغم في ثانيهما.
       الثاني : إظهارها، ولا يتحقق هذا الإظهار إلا بستة لطيفة عليا.
فحينئذ تكون المواضع التي يسكت عليها حفص خمسة.
 
القطع
       وأما القطع فمعناه لغة : الإبانة والإزالة، يقال قطعت الرقبة إذا أبنتها وفصلتها، وأزلتها عن مكانها. ومعناه اصطلاحا قطع القراءة بالكلية والانتقال عنها إلي حال أخري، وهو الذي يستعاذ بعده للقراءة المستأنفة، ولا يكون القطع إلا علي رأس آية، لأن رءوس الآي في نفسها مقاطع. قال ابن الجزري:
وفيهما رعاية الرسم اشترط                      والقطع كالوقف وبالآي شرط
والسكت من دون تنفس وخص                   بذي اتصال وانفصال حيث نص
       وينبغي للقاريء إذا قرأ آية من القرآن الكريم، فلا يقطعها حتى يتمها فلا ينبغي للقاريء أن يقف علي كلمة في أثناء الآية، ويقطع قراءته عليها سواء كان في الصلاة أم خارجها.
       ونقل في النشر عن ابن أبي الهذيل أنه قال : كانوا يكرهون أن يقرءوا بعض الآية ويتركوا بعضها، وهذا أعم من أن يكون القاريء في الصلاة أو خارجها.
       عبدالله بن أبي الهذيل هذا تابعي كبير، وقوله: كانوا: يدل علي أن الصحابة كانوا يكوهون ذلك أهـ من النشر في القراءات العشر.
 
 
الفصل الرابع
المقطوع والموصول
       قال صاحب مورد الظمأن في علم رسم القرآن:
باب حروف وردت بالفصل                      في رسمها علي وفاق الأصل
       المراد بالمقطوع الكلمة التي تفصل بما بعدها في رسم المصاحف العثمانية.
       والقطع هو الأصل، والوصل فرع عنه، لأن الشأن في كل كلمة أن تكون مفصولة عن غيرها رسما.
 
       وقد أوجب علماء علي القاريء معرفة المقطوع والموصول في الرسم من كلمات القرآن ليقف علي كل كلمة حسب رسمها في المصاحف العثمانية فإذا كانت الكلمة مفصولة عن غيرها جاز للقاريء الوقف عليها في مقام التعلم، أو الأمتحان، أو ضيق النفس، أو نحو ذلك.
 
       وإذا كانت موصولة بما بعدها لم يجزله الوقف إلا علي الكلمة الثانية منهما. وإذا كان مختلفا في قطعها جاز له الوقف علي الأولي، أو الثانية من الكلمتين.
       وقد عني علماء القراءة بذكر كلمات خاصة في القرآن الكريم، وبيان حكمها من حيث القطع والوصل، لما لها من جليل الأثر، وعظيم الفائدة وإليك بيانها علي التفصيل:
 
الكلمة الأولي
       "أن المفتوحة الهمزة المخففة النون" مع "لا" وهي في الرسم علي ثلاثة أقسام:
القسم الأول: مقطوع باتفاق العلماء:
وذلك في عشرة مواضع:
الأول : في سورة التوبة آية رقم(118) من قوله تعالى: "وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه".
الثاني : في سورة هود آية رقم(14) من قوله تعالى : "وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون".
الثالث : في سورة يس آية رقم(60) من قوله تعالى : "أن لا تعبدوا الشيطن".
الرابع : في سورة هود آية رقم(26) وهو الموضع الثاني بها من قوله تعالى: "أن لاتعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم".
الخامس : في سورة الممتحنة آية رقم(12) من قوله تعالى : "أن لا يشركن بالله شيئا".
السادس : في سورة الحج آية رقم (26) من قوله تعالى: "أن لا تشرك بي شيئا".
السابع : في سورة القلم آية رقم (24) من قوله تعالى: "أن لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين".
الثامن : في سورة الدخان آية رقم (19) من قوله تعالى: "وأن لا تعلوا علي الله".
التاسع : في سورة الأعراف آية رقم (169) من قوله تعالى: "أن لا يقولوا علي الله إلا الحق".
العاشر : في سورة الأعراف أيضا آية رقم (105) من قوله تعالى: "حقيق علي أن لا أقول علي الله إلا الحق".
 
فهذه المواضع العشرة تقطع فيها أن عن لا، وحينئذ يجوز الوقف علي النون عند ضيق النفس، أو في مقام التعلم، أو عند الامتحان أو نحو ذلك كما تقدم.
 
القسم الثاني: مختلف في قطعه ووصله:
وذلك في موضع واحد وهو في سورة الأنبياء آية رقم(86) من قوله تعالى: "أن لا إله إلا أنت سبحنك".
       فقد كتبت أن في أكثر المصاحف مفصولة عن لا وكتبت في بعضها موصولة بها.
والعمل علي قطعه في هذا الموضع . قال المنصوري:
والفصل عن جلهم قدرويا                        والوصل عن بعض بحرف الأنبيا
 
القسم الثالث: موصول باتفاق العلماء:
وهو ماعدا الأحد عشر موضعا المذكورة نحو: "ألا تعبدوا إلا الله إنني" في سورة هود، "ألا يرجع إليهم قولا" في سورة طه، "ألا تعلوا علي" في سورة النحل، " ألا تزر وازرة وزر أخري" في سورة النجم.
       وأما إن المكسورة الهمزة المخففة النون مع لا فرسمت في جميع المصاحف موصولة بها نحو "إلا تفعلوه، إلا تنصروه، وإلا تغفر لي".
 
الكلمة الثانية
"إن المكسورة الهمزة المخففة النون مع ما"
       وهي قسمان :
الأول : مقطوع باتفاق:
في موضع واحد في سورة الرعد من قوله تعالى: "وإن ما نرينك بعض الذي نعدهم" آية رقم (40).
الثاني : موصول باتفاق العلماء:
وهو ماعدا موضع الرعد، ومعني الوصل إبدال النون ميما. ثم إدغامها في الميم بعدها خطا ولفظا نحو: "وإما نرينك" بيونس، "فإما ترين" بمريم، "فإما تثقفنهم في الحرب"، "وإما تخافن من قوم خيانة" كلاهما في الأنفال، "فإما منا بعد وإما فداء" كلاهما في سورة القتال، "فإما نرينك بعض الذي نعدهم" في سورة غافر.
       ويجب أن يعلم أن أما المفتوحة الهمزة موصولة في جميع المواضع اتفاقا نحو: "أما اشتملت" في موضعي الأنعام، "أما يشركون"، أماذا كنتم تعلمون" كلاهما بالنمل، "أما من استغني" في سورة الليل.
       ولا يخفي أن أما بفتح الهمزة وتشديد الميم مركب من أم وما، ولا يخفي أيضا أنه لا مدخل هنا لنحو "فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر".
 
الكلمة الثالثة
"عن مع ما"
       وهي قسمان :
الأول : مقطوع باتفاق:
وذلك في قوله تعالى في سورة الأعراف "فلما عتوا عن مانهوا عنه" آية رقم(166).
الثاني : موصول باتفاق:
وهو ماعدا هذا الموضع نحو: "وإن لم ينتهوا عما يقولون" بالمائدة، "سبحن الله وتعالى عما يشركون" بالقصص، "سبحن ربك رب العزة عما يصفون" بالصافات.
 
الكلمة الرابعة
"عن مع ما"
       وهي ثلاثة أقسام:
الأول : مقطوع باتفاق وذلك في موضعين:
1- في سورة النساء من قوله تعالى: "فمن ما ملكت أيمنكم" آية رقم (25).
2- في سورة الروم من قوله تعالى: "هل لكم من ما ملكت أيمنكم" آية رقم (28).
الثاني : مختلف فيه:
       وهو في سورة المنافقين من قوله تعالى: "وأنفقوا مما رزقنكم" فكتب في بعض المصاحف مقطوعا، وفي بعضها موصولا آية رقم (10). والعمل علي قطعه.
الثالث : موصول باتفاق:
       وهو ماعدا المواضع الثلاثة نحو: "ومما رزقنهم ينفقون" في سورة البقرة"، "مما نزلنا علي عبدنا" فيها أيضا، "مما خطيئتهم أغرقوا" في سورة نوح.
 
الكلمة الخامسة
"أن مع من"
       وهي قسمان :
القسم الأول : مقطوع بلا خلاف.
وذلك في أربعة مواضع.
الأول : في سورة النساء آية رقم (109) من قوله تعالى: "أم من يكون عليهم وكيلا".
الثاني : في سورة التوبة آية رقم (109) من قوله تعالى: " أم من أسس بنيانه".
الثالث : في سورة الصافات آية رقم (11) من قوله تعالى : "أم من خلقنا".
الرابع : في سورة فصلت آية رقم (40) من قوله تعالى: "أم من يأتي ءامنا".
 
القسم الثاني : موصول بلا خلاف.
       وهو ماعدا المواضع الأربعة المذكورة نحو: "أمن لا يهدي" في سورة يونس، "أمن يجيب المضطر إذا دعاه"، "أمن يهديكم في ظلمت البر والبحر" كلاهما في سورة النمل.
 
الكلمة السادسة
"حيث مع ما"
       وهي مقطوعة عنها في جميع المصاحف في موضعين وليس في القرآن غيرهما، وهما: من قوله تعالى في سورة البقرة الآيتان رقم (144)،(150): "وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره".
 
الكلمة السابعة
"أن" ـ مفتوحة الهمزة ساكنة النون وهي المخففة مع "لم" الجازمة
       وهذه الكلمة وردت في التنزيل قسما واحدا اتفقت فيه عموم المصاحف علي قطع "أن" عن "لم" وتدغم النون في اللام لفظا لا خطا في عموم القرآن الكريم وهي عدة مواضع منها :
1- قوله تعالى: " ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلما غفلون" في سورة الأنعام الآية (131).
2- وقوله تعالى: " كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يليتني" في سورة النساء الآية (73).
3- وقوله تعالى: "كأن لم تغن بالأمس" في سورة يونس الآية (24).
4- وقوله تعالى: "كأن لم يلبثوا إلا ساعة من النهار يتعارفون بينهم" في سورة يونس الآية (45).
5- وقوله تعالى: " كأن لم يغنوا فيها" في سورة الأعراف الآية (92).
6- وقوله تعالى: "كأن لم يغنوا فيها ألا إن ثمودا كفروا ربهم" في سورة هود الآية (68).
7- وقوله تعالى: "كأن لم يغنوا فيها ألا بعداً المدين" في سورة هود الآية (95).
8- وقوله تعالى: "كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا" في سورة لقمان الآية (7).
9- وقوله تعالى: "كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم" في سورة الجاثية الآية (8).
10- وقوله تعالى: "أيحسب أن لم يره أحد" في سورة البلد الآية (7).
قال بعضهم :
كذاك أن لم مع إن لم فصلا                             إلا فإلم يستجيبوا الأولا
 
الكلمة الثامنة
"إن" المكسورة الهمزة المشددة النون مع ما
       وهي ثلاثة أقسام:
الأول : مقطوع اتفاقا:
وهو في موضع واحد في قوله تعالى في سورة الأنعام "إن ما توعدون لآت" آية رقم (134).
الثاني : مختلف فيه:
وذلك في قوله تعالى في سورة النحل: "إنما عند الله هو خير لكم" والوصل فيه أقوي وأشهر وعليه العمل.
الثالث : موصول اتفاقا:
وهو ماعدا الموضعين المذكورين نحو: "إنما الله إله وحد" في سورة النساء، "إنما توعدون" في سورة الذاريات والمرسلات، "إنما المؤمنون إخوة" في سورة الحجرات.
 
الذاريات والمرسلات، "إنما المؤمنون إخوة" في سورة الحجرات.
 
الكلمة التاسعة
"أن" المفتوحة الهمزة المشددة النون مع ما
       وهي ثلاثة أقسام :
القسم الأول : مقطوع اتفاقا وذلك في موضعين:
الأول : في سورة الحج آية رقم (62) من قوله تعالى: "وأن مايدعون من دونه هو البطل".
الثاني : في سورة لقمان آية رقم (30) من قوله تعالى: "وأن مايدعون من دونه البطل".
القسم الثاني: مختلف فيه:  
وهو في سورة الأنفال آية رقم (41) من قوله تعالى: "واعلموا أنما غنمتم" والعمل فيه علي الوصل.
       وفي سورة النحل من قوله تعالى: "إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون مختلف فيه أيضا والعمل علي الوصل.
القسم الثالث : موصول بلا خلاف:
       وهو ماعدا موضعي الاتفاق وموضعي الاختلاف نحو: "فاعلموا أنما علي رسولنا البلغ المبين" بالمائدة. والتغابن.
 
 
 
الكلمة العاشرة
"كل مع ما"
       وهي علي ثلاثة أقسام:
القسم الأول : مقطوع باتفاق:
وهو في سورة إبراهيم آية رقم (34) من قوله تعالى : " وءاتكم من كل ما سألتموه"
القسم الثاني: مختلف فيه بين القطع والوصل:
وذلك في أربعة مواضع:
الأول : في سورة النساء آية رقم (91) من قوله تعالى: "كل ماردوا إلي الفتنة أركسوا فيها" والعمل علي القطع.
الثاني : في سورة الأعراف آية رقم (38) و\من قوله تعالى : "كلما دخلت أمة لعنت أختها" والعمل علي الوصل.
الثالث : في سورة المؤمنون آية رقم (44) من قوله تعالى : "كل ما جاء أمة رسولها" والعمل علي القطع.
الرابع : في سورة الملك آية رقم )8) من قوله تعالى: "كلما ألقي فيها فوج" والعمل علي الوصل.
قال المنصوري:
وكل ما سألتموه واختلف                         ردوا ، دخل، جا أمة، ألقي حذف
القسم الثالث: موصول باتفاق:
       وهو ماعدا المواضع الخمسة نحو: "كلما رزقوا منها" بالبقرة، "أفكلما جاءكم رسول" بها، "كلما أوقدوا نار للحرب" بالمائدة، "كلما دخل عليها زكريا المحراب" بآل عمران.
 
الكلمة الحادية عشرة
"بئس مع ما"
       وهي ثلاثة أقسام :
الأول : موصول اتفاقا:
 وذلك في موضعين :
الأول : في سورة البقرة آية رقم(90) من قوله تعالى: "بئسما اشتروا به أنفسهم".
الثاني : في سورة الأعراف آية رقم (150) من قوله تعالى: "بئسما خلفتموني من بعدي".
القسم الثاني: مختلف فيه بين القطع والوصل
وذلك في سورة البقرة آية رقم (93) من قوله تعالى : "قل بئسما يأمركم به إيمنكم" والعمل علي الوصل.
القسم الثالث : مقطوع اتفاقا:
وهو ستة مواضع :
الأول : في سورة البقرة آية رقم (102) من قوله تعالى: "ولبئس ماشروا به أنفسهم".
الثاني : في سورة آل عمران آية رقم (187) من قوله تعالى: "فبئس مايشترون".
الثالث : في سورة المائدة آية رقم (62) من قوله تعالى : "لبئس ماكانوا يعملون".
الرابع : في سورة المائدة آية رقم (63) من قوله تعالى : "لبئس ماكانوا يصنعون".
الخامس : في سورة المائدة آية رقم (79) من قوله تعالى : "لبئس ماكانوا يفعلون".
السادس : في سورة المائدة آية رقم (80) من قوله تعالى : "لبئس ماقدمت لهم أنفسهم".
قال المنصوري:
قل بئسما بالفاء أو باللام
بالفصل في ست عن الأعلام
بكر وعها ما يلي، العقود
في نظمنا ترتيبها مقصود
ثنتان في البكر مع العمران
أربعة بالمائدة رضوان
في البكر ثالثها بقطع قد أتت
في آل عمران بالأخرى قد ثبت
في المائدة قل أربعا قد رتبت
واللام فيها ثم بكر أتت
المختلف فيه
والخلف قل في بئسما يأمركم
به إيمانكم قبيل كنتم
الوصل
والوصل قل موضعين اثنين
في البكر والأعراف دون مين
قل بئسما اشتروا بالوصل
كذا خلفتموني عند آل الفضل
 
الكلمة الثانية عشرة
"في مع ما"
وهي ثلاثة أقسام:
القسم الأول : مقطوع بلا خلاف:
وهو موضوع واحد في سورة الشعراء رقم (146) من قوله تعالى : "أتتركون في ما ههنا ءامنين".
القسم الثاني : مختلف فيه،
والقطع فيه أكثر وهو عشرة مواضع وعليه العمل:
1- في سورة البقرة آية رقم (240) من قوله تعالى: "في ما فعلن في أنفسهن من معروف". وهو الموضع الثاني.
2- في سورة المائدة آية رقم (48) من قوله تعالى: "ليبلوكم في ماءاتكم فاستبقوا الخيرات".
3- في سورة الأنعام آية رقم (145) من قوله تعالى: " قل لا أجد في ما أوحي إلي".
4- في سورة الأنعام آية رقم (165) من قوله تعالى: "ليبلوكم في ءاتكم إن ربك سريع العقاب".
5- في سورة الأنبياء آية رقم (102) من قوله تعالى: "وهم في اشتهت أنفسهم خلدون".
6- في سورة النور آية رقم (14) من قوله تعالى: "لمسكم في ما أفضتم فيه".
7- في سورة الروم آية رقم (28) من قوله تعالى: "من شركاء في ما رزقنكم".
8- في سورة الزمر آية رقم (3) من قوله تعالى: "في ما هم فيه يختلفون".
9- في سورة الزمر أيضا آية رقم (46) من قوله تعالى: "في ماكانوا فيه يختلفون".
10- في سورة الواقعة آية رقم (61) من قوله تعالى: "وننشئكم في مالا تعلمون".
القسم الثالث: موصول بلا خلاف:
وهو ماعدا المواضع الأحد عشر السابقة نحو: "فالله يحكم بينهم يوم القيمة فيما كانوا فيه يختلفون" بالبقرة، "فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف" أول موضعي البقرة، "لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم " بالأنفال، "فيما كانوا فيه يختلفون" بيونس.
قال نعضهم :
بالفصل قل في ظله عند الملا
والخلف في عشر وقطع فضلا
قل لا أجد لمسكم أتاكم
فيما اشتهت فعلن مع ننشئكم
فيما رزقنا وفيما هم وكانوا
والثانية بالرسم فيما كانوا
 
 
الكلمة الثالثة عشرة
"أين مع ما"
وهي أربعة أقسام:
القسم الأول : موصول اتفاقا:
وذلك في موضعين:
الأول : في سورة البقرة آية رقم (115) من قوله تعالى: "فأينما تولوا فثم وجه الله".
الثاني : في سورة النحل آية رقم (76) من قوله تعالى: " أينما يوجهه".
القسم الثاني : مختلف فيه:
والقطع والوصل فيه سواء والعمل علي القطع وذلك في موضعين:
الأول : في سورة الشعراء آية رقم (92) من قوله تعالى: "أين ماكنتم تعبدون من دون الله".
الثاني : في سورة الأحزاب آية رقم (61) من قوله تعالى: " أين ماثقفوا أخذو".
القسم الثالث : مختلف فيه:
والوصل فيه أرجع والعمل علي الوصل وذلك في سورة النساء آية رقم (78) من قوله تعالى: "أينما تكونوا يدرككم الموت".
القسم الرابع : مقطوع اتفاقا:
وهو ماعدا هذه المواضع الخمسة نحو: "أين ماتكونوا يأت بكم الله جميعا"في سورة البقرة، "أين ماكنتم تدعون" في سورة الأعراف، "أين ماكنتم تشركون" في سورة غافر، "أين ماكنتم" في سورة الحديد، "أين ماكانوا" في سورة المجادلة.
 
الكلمة الرابعة عشرة
"إن المكسورة الهمزة المخففة النون مع لم"
       وهي قسمان :
الأول : موصول باتفاق:
       وذلك في موضع واحد وهو في سورة هود آية رقم (14) من قوله تعالى: "فإلم يستجيبوا لكم".
الثاني : مقطوع باتفاق:
وهو ماعدا هذا الموضع، نحو:
"فإن لم تفعلوا" في البقرة، "وإن لم ينتهوا" بالمائدة، "فإن لم يستجيبوا لك" بالقصص، "فإن لم تأتوني به" في يوسف.
الكلمة الخامسة عشرة
"أن المفتوحة الهمزة المخففة النون مع لن"
       وهي ثلاثة أقسام :
 القسم الأول : موصل باتفاق:
وهو موضعان:
الأول : في سورة الكهف آية رقم (48) من قوله تعالى: "ألن نجعل لكم موعدا".
الثاني : في سورة القيامة آية رقم (3) من قوله تعالى: "ألن نجمع عظامه".
القسم الثاني : مختلف فيه بين القطع والوصل:
وهو في موضع واحد في سورة المزمل من قوله تعالى: "أن لن تحصوه" والمختار فيه القطع وعليه العمل.
القسم الثالث : مقطوع باتفاق:
وهو ماعدا المواضع الثلاثة السابقة نحو: "أن لن ينقلب الرسول، أن لن تقول الإنس والجن، أن لن يقدر عليه أحد".
 
 
الكلمة السادسة عشرة
"أن المفتوحة الهمزة المخففة النون مع لو"
       وقد وقعت في القرآن في أربعة مواضع: وليس في القرآن سواها.
الأول : في سورة الأعراف آية رقم (100) من قوله تعالى: "أن لو نشاء أصبنهم بذنوبهم".
الثاني : في سورة الرعد آية رقم (31) من قوله تعالى: " أن لو يشاء الله لهدي الناس جميعا".
الثالث : في سورة سبأ آية رقم (14) من قوله تعالى: "أن لو كانوا يعلمون الغيب".
الرابع : في سورة الجن آية رقم (16) من قوله تعالى: "وأن لو استقاموا علي الطريقة".
       وهي مقطوعة اتفاقا في المواضع الثلاثة، ومختلف فيها في الموضع الرابع، والراجح فيه القطع. والعمل علي كتابته بالوصل كما ذكره أو بداود سليمان بن نجاح، والشيخ الضباع.
قال المنصوري:
أن لو فصل رعد سبا الأعراف                          والوصل قل في الجن بالخلاف
 
الكلمة السابعة عشرة
"كي مع لا"
       وهي علي قسمين :
القسم الأول : موصول باتفاق المصاحف:
وذلك في أربعة مواضع:
الأول : في سورة آل عمران آية رقم (153) من قوله تعالى: "لكيلا تحزنوا علي ما فاتكم".
الثاني : في سورة الحج آية رقم (5) من قوله تعالى: " لكيلا يعلم من بعد علم شيئا".
الثالث : في سورة الأحزاب آية رقم (50) من قوله تعالى: " لكيلا يكون عليك حرج".
الرابع : في سورة الحديد آية رقم (23) من قوله تعالى: "لكيلا تأسوا علي ما فاتكم".
القسم الثاني : مقطوع باتفاق المصاحف:
       وهو ثلاثة مواضع.
الأول : في سورة النحل آية رقم (70) من قوله تعالى: "لكي لا يعلم بعد علم شيئا".
الثاني : في سورة الأحزاب أول موضعيها آية رقم (37) من قوله تعالى: "لكي لا يكون علي المؤمنين حرج".
الثالث : في سورة الحشر آية رقم (7) من قوله تعالى: "كي لا يكون دولة".
 
الكلمة الثامنة عشرة
"عن مع من"
       وهي مقطوعة عنها في جميع المصاحف في موضعين وليس في القرآن الكريم غيرهما وهما:
الأول : في سورة النور آية رقم (43) من قوله تعالى: " ويصرفه عن من يشاء".
الثاني : في سورة النجم آية رقم (29) من قوله تعالى: "فأعرض عن من تولي".
 
الكلمة التاسعة عشرة
"يوم مع هم"
وهي قسمان :
القسم الأول : مقطوع باتفاق:
وهو موضعان:
الأول : في سورة غافر آية رقم(16) من قوله تعالى: " يوم هم برزون".
الثاني : في سورة الذاريات آية رقم (13) من قوله تعالى: " بوم هم علي النار يفتنون".
القسم الثاني : موصول باتفاق:
وهو ماعدا الموضعين السابقين نحو: "يومهم الذي يوعدون" بالزخرف والمعارج، "يومهم الذي فيه يصعقون" بالطور.
 
الكلمة العشرون
"مال"
       تقطع لامها بعدها في أربعة مواضع:
الأول : في سورة النساء آية رقم (78) من قوله تعالى: "فمال هؤلاء القوم".
الثاني : في سورة الكهف آية رقم (49) من قوله تعالى: "مال هذا الكتب".
الثالث : في سورة الفرقان آية رقم (7) من قوله تعالى: "مال هذا الرسول".
الرابع : في سورة المعارج آية رقم (36) من قوله تعالى: "فمال الذين كفروا قبلك مهطعين".
       وحينئذ يجوز للقاريء أن يقف علي ما، أو علي اللام، عند ضيق نفسه، أو امتحانه أو نحو ذلك. ولكن لا يجوز له الابتداء باللام، ولا بهؤلاء، ولا بهذا، ولا بالذين، بل يتعين الابتداء بما.
       وكما يجوز الوقف علي ما، أو علي اللام في المواضع المذكورة يجوز الوقف علي (أياً) أو علي (ما) في قوله تعالى في سورة الإسراء "أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسني" عند ضيق نفس أو امتحان أو نحو ذلك ولكن يتعين البدء (بأيا).
 
 
الكلمة الحادية والعشرون
"ولات حين مناص" في سورة ص
       اختلف في قطع التاء عن كلمة "حين"، ووصلها بها، والصحيح قطعها عنها، وأن "ولات" كلمة مستقلة، "حين" كلمة أخري، ولا في ولات نافية، دخلت عليها التاء علامة علي تأنيث الكلمة، كما دخلت علي رب، وثم، للدلالة علي تأنيث الكلمتين، وعلي هذا يصح الوقف علي التاء عند الامتحان، أو في مقام التعليم، أو عند ضيق النفس أو نحو ذلك، ولكن لا يصح الوقف عليها اختيارا والابتداء بكلمة حين، بل يجب الابتداء بكلمة ولات.
       وقيل إن التاء توصل بكلمة حين هكذا (ولا تحين مناص) وعلي هذا يصح الوقف للضرورة أو غيرها علي لا . ولكن يتعين الابتداء بكلمة ولات أيضا، والصحيح قطع التاء عن حين كما سبق.
 
 
الكلمتان الثانية والعشرون والثالثة والعشرون
"كالوهم" و "وزنوهم"
       وذلك في قوله تعالى: "وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون" في سورة المطففين.
وقد كتبت الكلمتان في جميع المصاحف موصولتين حكما بدليل حذف الألف بعد الواو فيهما فدل ذلك علي أن الواو فيهما غير مقطوعة فتكون موصولة.
       قال بعض العلماء : إن الأصل (كالوا لهم، أو وزنوا لهم) فحذفت اللام علي حد قولك (كلتك طعاما) والأصل: (كلت لك طعاما) فحذفت اللام، وأوقع الفعل علي هم فصارا حرفا واحد، لأن الضمير المتصل مع ناصبة كلمة واحدة. أهـ .
       وعلي هذا يكون الضمير وهو (هم) في الكلمتين منصوبا، ولا يجوز الوقف علي كالوا، ولا علي أو وزنوا، إذ لا يصح فصل الضمير المتصل عن الفعل.
       وأما قوله تعالى في سورة الشورى "وإذا ماغضبوا هم يغفرون" فمخالف للكلمتين السابقتين لأن غضوا كلمة، وهم ضمير فصل مرفوع علي الابتداء وجملة "يغفرون" خبره.
       والدليل علي ذلك ثبوت الألف بعد واو " غضبوا" وعلي هذا يصح الوقف علي "غضبوا" عند الضرورة أو الاختبار أو نحو ذلك، ولكن لا يصح الابتداء بقوله "هم يغفرون" لما فيه من الفصل بين الشرط وجوابه. بل يتعين الابتداء بقوله: "وإذا".
 
الكلمة الرابعة والعشرون
"قال ابن أم" في سورة الأعراف
       وقد أجمعت المصاحف علي قطع كلمة "ابن" عن "أم" وعلي هذا يصح الوقف غير الاختياري علي كلمة "ابن" بخلاف "ينبؤم" في سورة طه فإنها كتبت في جميع المصاحف موصولة كما رأيت وعليه لا يصح الوقف علي كلمة "يبن".
 
الكلمات الخامسة والعشرون والسادسة والعشرون
والسابعة والعشرون
"الـ " التي للتعريف، و"يا" التي للنداء
و"ها" التي للتنبيه.
       وقد اتفقت المصاحف علي وصل هذه الكلمات بما بعدها وإن كان كل منها كلمة مستقلة عما بعدها.
       مثال لام التعريف : الكتب، الغني، الثواب، الرحيم.
ومثال ياء النداء : يأدم، يبني، يأيها، يأرض.
ومثال ها التنبيه : هأنتم، هؤلاء، هذا، هذان.
       فلا يصح فصل هذه الكلمات عن مدخولها. ولا يجفي الوقف عليها مطلقا لا اختيارا ولا اختبار لأنها لشدة امتزاجها بما بعدها صارت كأنها مع مابعدها كلمة واحدة.
       ولا يجوز الوقف علي بعض الكلمة كما لا يخفي، ولأن يا التي للنداء، وها التي للتنبيه لما حذفت الألف منهما ـ حسب الرسم العثماني ـ بقيا علي حرف واحد فوجب اتصالهما بما بعدهما، فلا يصح الوقف عليهما.
       قال صاحب نهاية القول المفيد "أعلم أن ماذكره القراء من قولهم: هذا مقطوع وهذا موصول ـ فالمراد به القطع والوصل في كل شيء بحسبه:
       فمعني القطع في (أن لا) المفتوحة الهمزة، و(أن لن)، و(إن ما) المكسورة الهمزة، المخففة النون، و(إن لم) المكسورة الهمزة والمفتوحة أيضا، و(عن ما)، و(عن من)، و(من ما) رسمها كلها بنون بعد أول حرف كل منها مع قطعها عما بعدها كما تري، ومعني الوصل فيها رسمها بغير نون مع وصل الحرف الأول بالثاني في عما وعمن ومما كما تري.
       ومعني الوصل في إلا المكسورة الهمزة والمفتوحة رسمها بغير نون .
       ومعني القطع في أم من رسمها بميمين الأول مقطوعة عن الثانية كما تري.
ومعني الوصل عدم كتابة الميم الأولي.
       ومعني الوصل في أما المفتوحة الهمزة والمكسورة كتابتها بميم واحدة كما تري.
ثم قال : فإن قيل :ماثمرة معرفة المقطوع والموصول؟
أجيب بأن ثمرته جواز الوقف علي إحدى الكلمتين المقطوعتين باتفاق.
       ووجوبه علي الأخيرة من الموصولين باتفاق أيضا، وأما ما اختلف في قطعه ووصله فيجوز الوقف علي كلتا الكلمتين نظرا إلي قطعهما، ويجب علي الأخيرة نظرا إلي وصلها. أهـ .
                            
                             إثبات حروف المد وحذفها عند الوقف
       إذا كان آخر الكلمة الموقوف عليها حرفا من حروف المد الثلاثة، فإن كان هذا الحرف ثابتا في رسم المصاحف العثمانية فالوقف علي الكلمة يكون بإثبات حرف المد فيها.
       وإن كان محذوفا من المصاحف يكون الوقف علي الكلمة بحذفه.
       فإثبات حرف المد عند الوقف تابع لإثباته في المصاحف. وحذفه عند الوقف فرع حذفه منها.
       وإليك بيان حكم كل حرف منها علي التفصيل.
 
 
 
 
 
 
الألف
       إذا كانت ثابتة في الرسم فتكون ثابتة عند الوقف، سواء كانت ثابتة في الوصل أيضا بأن كان مابعدها متحركا نحو "ربنا[21] ظلمنا[22] أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخسرين" أم كانت محذوفة في الوصل بأن كان ما بعدها ساكنا نحو: "فلما ذاقا[23] الشجرة، دعوا[24] الله ربهما، واستبقا[25] الباب، كلتا[26] الجنتين، وقالا[27] الحمد لله، وأوتينا[28] العلم، وقيل[29] ادخلا النار".
       ونحو الألف التي بعدها الهاء من لفظ (أيها) نحو: "يأيها[30] الذين ءامنوا، يأيها[31] الناس، يأيها[32] النبي". ونحو: "إنني[33] أنا الله" وهكذا أم كانت محذوفة في الوصل بحسب الرواية وإن كان ما بعدها متحركا، وذلك في الألفاظ الآتية:
1- (الظنونا) في سورة الأحزاب آية رقم (10) في قوله تعالى: "وتظنون بالله الظنونا".
2- (الرسولا) في سورة الأحزاب آية رقم (66) في قوله تعالى: "يليتنا أطعنا الله وأطعنا اللاسولا".
3- (السبيلا) في الأحزاب آية رقم (67) في قوله تعال: "فأضلونا السبيلا".
4- (أنا) حيث ورد في القرآن الكريم سواء كان بعده همز نحو: (أنا[34] أحي وأميت)، (وأنا[35] أول المسلمين)، (إن[36] أنا إلا نذير). أم لم يكن بعده همز نحو: (وأنا[37] به زعيم، أنا[38] نذير).
5- (لكنا) في سورة الكهف آية رقم (38) في قوله تعالى: "لكنا هو الله ربي".
6- (قواريرا) في الموضع الأول من سورة الدهر آية رقم (16) في قوله تعالى: "كانت قواريرا".
       وأما الموضع الثاني وهو (قواريرا من فضة) فالألف محذوفة منه رسما لأنها مصورة ووضع عليها مستدير للدلالة علي زيادتها وصلا ووقفا فتحذف وصلا ووقفا.
قال المنصوري :
أولي قوايرا الظنونا والولا                        قف بالألف عن حفصهم: وصلا فلا
7- (لنسفعاً) في سورة العلق آية رقم (15) في قوله تعالى: "لنسفعاً بالناصية".
8- إذا كانت الألف بدلا من التنوين في اسم منصوب نحو: (عليما، حكيما، تقيا، ودا).
9- لفظ (إذاً) حيث وقع منونا نحو: "فإذا [39] لا يؤتون الناس نقيرا، إذا [40] لا تبغوا إلي، وإذا [41] لا يلبثون خلفك" فالألف في جميع ماذكر ونحوه تحذف وصلا وتثبت وقفا.
       ويستثني من هذه القاعدة ما يأتي:
1- الألف في لفظ ثمود في سورة هود آية رقم (68) في قوله تعالى: "ألا إن ثمود اكفروا ربهم". وفي سورة الفرقان آية رقم (38) في قوله تعالى: "وعادا وثمودا وأصحب الرس". وفي سورة العنكبوت آية رقم (38) في قوله تعالى: "وعادا وثمودا وقد تبين لكم". وفي سورة النجم آية رقم (51) في قوله تعالى: "وثمودا فما أبقي"ز فالألف في هذه المواضع الأربعة تحذف وصلا ووقفا وإن ثبتت رسما.
2- (سلسلا) في سورة الدهر آية رقم (4) في قوله تعالى: "سلسلا وأغللا وسعيرا" فهذه الألف وإن ثبتت رسما يجوز فيها لحفص وجهان عند الوقف، الإثبات والحذف، وأما في الوصل فتحذف عنده قولا واحدا.
قال المنصوري :
وفقا له بالخلف حرف سلسلا
      
                                  والوصل فاحذفها له عند الملا
 
وقال بعضهم :
سلاسلا بالحذف عند الوصل
                                         والخلف في وقف لحفص يملي
       وإذا كانت الألف محذوفة رسما فإنها تحذف وقفا تبعا للرسم نحو: "ولم[42]  يخش إلا الله، ولا[43] يأب كاتب، ولا تنس [44] نصيبك من الدنيا، أولم [45] ير الذين كفروا، ألم [46] تر كيف، ومن هذا القبيل لفظ "أية" في سورة النور آية رقم (31) في قوله تعالى: "أية المؤمنون" وفي سورة الزخرف آية رقم (49) في قوله تعالى: "يأيه الساحر". وفي سورة الرحمن آية رقم (31) في قوله تعالى: "أية الثقلان".
فيوقف علي هذا وأمثاله بحذف الألف تبعا لحذفها في الرسم. قال بعضهم:
وأية الزخرف والرحمن                          والنور فيها جاء بعد الثاني
 
(الواو)
       تثبت الواو في الوقف إذا ثبتت في الرسم، سواء ثبتت في الوصل أيضا وذلك إذا كان بعدها متحرك نحو: "واستعينوا[47]  بالصبر، قالوا[48]  خيرا، ملقوا[49]  ربهم". أم حذفت في الوصل، وذلك إذا كان بعدها ساكن نحو : "قالوا[50]  الن، وماقدروا[51]  الله، يمحوا[52]  الله مايشاء، فاستبقوا[53]  الخيرات، ملقوا[54] الله، كاشفوا[55]  العذاب".
       وتحذف وقفا إذا حذفت رسما سواء حذفت وصلا أيضا نحو ادع إلي سبيل ربك ثبتت وصلا نحو: "ادع[56]  إلي سبيل ربك، ومن[57]  يعش عن ذكر الرحمن، ولا تقف[58]  ماليس لك به علم ومن هذا القبيل: "ويدع الإنسن بالشر" في الإسراء آية رقم (11).
"ويمح الله البطل" بالشورى آية رقم (24)، "يوم يدع الداع" بالقمر آية رقم (6)، "وصلح المؤمنين" بالتحريم آية رقم (4)، "سندع الزبانية" بالعلق آية رقم (18).
       وقد علل العلماء حذفها في هذه المواضع الأربعة بقولهم: السر في حذف الواو في هذه المواضع التنبيه علي سرعة وقوع الفعل وسهولته علي الفاعل، وشدة قبول الفعل المتأثر به في الوجود.
       أما "ويدع الإنسن بالشر" في سورة الإسراء آية رقم (11) فيدل علي أنه سهل عليه ويسارع فيه كما يسارع في الخير بل إثبات الشر من جهة ذاته أقرب إليه من الخير.
       وأما "ويمح الله البطل" في سورة الشورى آية رقم (249 فللإشارة إلي سرعة ذهابه واضمحلاله. وأما "يوم يدع الداع" بالقمر آية رقم (6) فللإشارة إلي سرعة قبول الدعاء وسرعة إجابة الداعين.
       وأما "سندع الزبانية" بالعلق آية رقم (18) فللإشارة إلي وقوع الفعل، وسرعة إجابة الزبانية، وقوة البطش .
       قالا: وحذفت الواو أيضا من قوله تعالى: "وصلح المؤمنين" في سورة التحريم آية رقم(4). علي أنه اسم جنس كقوله تعالى: "إن الإنسن لفي خسر" آية رقم (2) سورة العصر. وقيل جمع، وعليه فالمراد به خيار المؤمنين. وقيل غير ذلك. أ هـ .
       والخلاصة: أن الواو تحذف وقفا إذا حذفت في الرسم سواء حذفت وصلا كالأمثلة السابقة. أم ثبتت وصلا نحو: "وأجل [59] مسمي عنده، أعجب [60] الكفار نباته، وإن [61] لك موعدا لن تخلفه".
 
الياء
       تثبت الياء وقفا إذا ثبتت رسما، سواء ثبتت وصلا أيضا، وذلك إذا كان بعدها محرك نحو: "فهو المهتدي" بالأعراف آية رقم (178). "فاتبعوني [62] يحببكم الله، هذه [63] سبيلي أدعوا إلي الله، أولي[64] الأيدي والأبصر، أنا [65] ومن اتبعني".
       أم حذفت وصلا، ذلك إذا كان بعدها ساكن نحو: "ولا تسقي [66] الحرث، ويربي [67] الصدقت، فسوف [68] يأتي الله بقوم، حاضري [69] المسجد الحرام، غير محلي [70] الصيد، غير معجزي [71] الله، أني[72] أوفي الكيل، أنا [73] نأتي الأرض ءاتي [74] الرحمن عبدا، وكذلك [75] ننجي المؤمنين،  والمقيمي [76] الصلوة، ادخلي[77] الصرح، بهدي العمى، في سورة النمل آية رقم (81)، "مهلكي القرى" بالقصص آية رقم (59)، "أيدي المؤمنين" بالحشر آية رقم (2) وتحذف الياء وقفا إذا حذفت رسما كالوقف علي (يتق) من "ومن يتق الله" في سورة الطلاق آية رقم (2) ومن "إنه من يتق ويصبر" في سورة يوسف آية رقم (90) والوقف علي "ولتأت وءات" من "ولتأت طائفة" في سورة النساء آية رقم (102). و"وءات ذا القربى حقه" في سورة الإسراء آية رقم (26) والوقف علي "عباد" في يباد فاتقون" في سورة الزمر آية رقم (16).
       ومن هذا القبيل المواضع التي عدها العلماء وهي:
1- يؤت من "وسوف يؤت الله المؤمنين" في سورة النساء آية رقم (146).
2- واخشون في "فلا تخشوهم واخشون" في المائدة آية رقم (3).
3- ننج في "حقا علينا ننج المؤمنين" في سورة يونس آية رقم (103).
4- "بالواد المقدس" في سورة طه آية رقم (12).
5- لهاد في "وإن الله لهاد الذين ءامنوا" في سورة الحج آية رقم (54).
6- "علي واد النمل" في سورة النمل آية رقم (18).
7- "الواد العمى" في سورة القصص آية رقم (30).
8- "بهاد العمى" في سورة الروم آية رقم (53).
9- "إن يردن الرحمن" في سورة يس آية رقم (23).
10- "صال الجحيم" في سورة الصافات آية رقم (163).
11- "قل يعباد الذين يستمعون" في سورة الزمر آية رقم (10).
12- "فبشر عباد الذين يستمعون" في سورة الزمر آية رقم (17).
13- "يناد المناد" في سورة ق آية رقم (41).
14- "فما تغن النذر" في سورة القمر آية رقم (5).
15- "وله الجوار" في سورة الرحمن آية رقم (24).
16- "بالواد المقدس" في سورة النازعات آية رقم (16).
17- "الجوار الكنس" في سورة التكوير آية رقم (16).
 
       ويجوز في ياء "فما ءاتني الله" في النمل آية رقم (36) عند الوقف، الإثبات والحذف عند حفص، وأما حال الوصل فليس لها فيها إلا إثباتها مفتوحة قياسا علي ياءات الإضافة.
       وأما إثباتها في حال الوقف فمن طريق مكي وابن بليمة وطاهر بن يغلبون والحذف في الوقف عن جمهور العراقيين وهو الذي في الإرشاد والمستنير والجامع والعنوان وغيرها،وأطلق له الخلاف في الشاطبية كأصلها في الجريد وغيرها.
       وقد تحذف الياء في الوقف تبعا للرسم، وتثبت في الوصل نحو: "يحرفون الكلم عن مواضعه" في سورة المائدة آية رقم (13).
       ونحو: "وما هو ببالغه" في سورة الرعد آية رقم (14).
       ونحو: "أتوصوا به" في سورة الذاريات آية رقم (53).
 
باب حكم الوقف علي تاء التأنيث
       لا تخلو تاء التأنيث أن تكون في فعل، أو في اسم.
       فإن كانت في فعل ـ ويؤتي بها في الفعل للدلالة علي تأنيث الفاعل ـ فإنها ترسم بالتاء المجرورة باتفاق العلماء، وعلي ذلك اتفقت جميع المصاحف العثمانية، ولا يوقف عليها إلا بالتاء، وذلك نحو: "ودت طائفة، وقالت لأخته، وعنت الوجوه، إذا السماء انفطرت، وأزلفت الجنة للمنقين، فأمنت طائفة. وتسمي حينئذ تاء التأنيث.
       وإن كانت في اسم فالأصل فيها، والغالب في استعمالها أن ترسم بالتاء المربوطة، ويوقف عليها بالهاء، ومن أجل ذلك تسمي هاء التأنيث، نحو: رحمة، نعمة، جنة، كلمة، سنة، قرة، شجرة.
       ولا فرق في ذلك بين رسم المصاحف العثمانية، ورسم الكتابة الإملائية.
       غير أن في المصاحف العثمانية كلمات خرجت عن هذا الأصل، وكتبت بالتاء المبسوطة، فيوقف عليها بالتاء لضيق نفس، أو تعليم، أو اختبار، أو نحو ذلك.
       وهي ست عشرة كلمة: "رحمت، نعمت، لعنت، امرأت، معصيت شجرت، سنت، قرت، جنت، فطرت، بقيت، ابنت، كلمت، غيابت، بينت، جملت".
وإليك بيانها علي التفصيل:
1- "رحمت" رسمت بالتاء المبسوطة في سبعة مواضع وهي:
       1- "أهم يقسمون رحمت ربك" بالزخرف آية رقم (32).
       2- ". . ورحمت ربك خير مما يجمعون" بالزخرف أيضا آية رقم (32).
       3- "إن رحمت الله قريب من المحسنين" بالأعراف آية رقم(56).
       4- "فانظر إلي ءاثار رحمت الله" بالروم آية رقم (50).
       5- "رحمت الله وبركته عليكم أهل البيت" بهود آية رقم (73).
       6- "ذكر رحمت ربك عبده زكريا" بمريم آية رقم (2).
       7- "أولئك يرجون رحمت الله" بالبقرة آية رقم (218).
       وما عدا هذه المواضع يرسم بالتاء المربوطة ويوقف عليه بالهاء نحو: "فبما رحمة من الله لنت لهم" بآل عمران آية رقم (159).
"إلا رحمة من ربك" بالإسراء آية رقم (87)، "عليهم صلوت من ربهم ورحمة" بالبقرة آية (157)، "لا تقنطوا من رحمة الله" بالزمر آية (53)، "هدي ورحمة للمحسنين" بلقمان آية (3).
2- "نعمت" رسمت بالتاء المبسوطة ويوقف عليها بالتاء في أحد عشر موضعا:
1- "واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم" في البقرة آية (231).
2- "وبنعمت الله هم يكفرون" في النحل آية رقم (72).
3- "يعرفون نعمت الله" في النحل آية رقم (83).
4- "واشكروا نعمت الله" في النحل آية (114).
5- "ألم تر إلي الذين بدلوا نعمت الله كفرا" في إبراهيم آية رقم (28).
6- "وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها" في إبراهيم آية رقم (34).
7- "اذكروا نعمت الله عليكم إذ هم قوم" في المائدة آية رقم (11).
8- "ألم تر أن الفلك ترجري في البحر بنعمت الله" في لقمان آية رقم (31).
9- "يأيها الناس اذكروا نعمت الله عليكم" في فاطر آية رقم (3).
10- "فذكروا فما أنت بنعمت ربك بكاهن ولا مجنون" في الطور آية (29).
11- "واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء" في أل عمران آية (103).
       وماعدا هذه المواضع يكتب بالتاء المربوطة ويوقف عليه بالهاء نحو: "ومابكم من نعمة فمن الله" في النحل آية (53)، "وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" في النحل آية رقم (18)، "أفبنعمة الله يجحدون" في النحل آية رقم (71).
       ونحو: "إذ قال موسي لقومه اذكروا نعمة الله عليكم" في إبراهيم آية (6)، "واذكر وما نعمة الله عليكم وميثاقه" آية (7)، "وإذا قال موسي لقومه يقوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل" في المائدة آية (20)، "وأما بنعمة ربك فحدث" آخر سورة الضحى، "ولولا نعمة ربي" بالصافات آية (57).
قال المنصوري:
تحصوا كذا من نعمة مع يجحدوا
بالهاء قف في كلها كي تسعدوا
هم يكفروا عرفان شكر يا فتى
بالتاء قف عن كلهم ذا قدا أتى
3- "لعنت" رسمت بالتاء المبسوطة في موضعين:
1- "فنجعل لعنت الله علي الكذبين" بآل عمران آية (61).
2- "والخامسة أن لعنت الله عليه" بالنور آية (7).
       وما عدا الموضعين مرسوم بالهاء نحو: "أولئك عليهم لعنة الله" بالبقرة آية (161)، "أن لعنة الله علي الظلمين " بالأعراف آية (44)، أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملئكة والناس أجمعين" بال عمران آية (87)، "إن عليك اللعنة إلي يوم الدين" بالحجر آية (35).
4- "امرأت" ترسم بالتاء المبسوطة ويوقف عليها بالتاء في سبعة مواضع.
1- "امرأت العزيز ترود فتها" في يوسف آية (30).
2- " قالت امرأت العزيز الن حصحص الحق" في يوسف آية (51).
3- "إذ قالت امرأت عمران" في سورة أل عمران آية (35).
4- "وقالت امرأت فرعون" في القصص آية (9).
5- "امرأت نوح" في الحريم آية (10).
6- "امرأت لوط" في التحريم آية (10).
7- "امرأت فرعون" في التحريم آية (11).
       والضابط أن كل امرأة تذكر مقرونة بزوجها ترسم بالتاء المبسوطة وذلك في المواضع السبعة الأنفة الذكر وفي هذا المعني يقول الإمام المتولي رحمه الله:
وامرأة مع زوجها قد ذكرت
فهاؤها ها بالتاء رسما وردت
وماعدا هذه المواضع تكتب بالتاء المربوطة ويوقف عليها بالهاء نحو: "وإن امرأة خافت" بالنساء آية (138)، "امرأة مؤمنة" بالأحزاب آية (50)، "إني وجدت امرأة تملكهم" بالنمل آية (23).
5- "معصيت" ترسم بالتاء في موضعين:
1- "ومعصيت الرسول وإذا جاءوك" بالمجادلة آية (8).
2- "ومعصيت الرسول وتنجوا" بالمجادلة آية (9)، وليس في القرآن غيرهما.
6- "شجرت" رسمت بالتاء المبسوطة في قوله تعالى في سورة الدخان آية (43) "إن شجرت الزقوم".
       وماعداه مرسوم بالهاء نحو: "هل أدلك علي شجرة الخلد" في طه آية (120)، "أم شجرة الزقوم، إنها شجرة" كلاهما في الصافات آية (62)، (64)، "وشجرة تخرج من طور سيناء" بـ"المؤمنون" آية (20).
7- "سنت" تكتب بالتاء المبسوطة ويوقف عليها بالتاء في خمسة مواضع:
1- "فهل ينظرون إلا سنت الأولين" بفاطر آية (43).
2- "فلن تجد لسنت الله تبديلا" بفاطر آية (43).
3- "ولن تجد لسنت الله تحويلا" بفاطر آية (43).
4- "فقد مضت سنت الأولين" بالأنفال آية (38).
5- "سنت الله التي قد خلت في عباده" آخر سورة غافر وماعدا هذه المواضع يكتب بالتاء المربوطة ويوقف عليه بالهاء نحو: "سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا" بالإسراء آية (77)، "سنة الله في الذين خلوا من قبل" بالأحزاب آية (62)، "سنة الله التي قد خلت من قبل" بالفتح آية (23).
8- "قرت" كتبت بالتاء المبسوطة في موضع واحد وهو:
"قرت عين لي ولك" بالقصص آية (9).
       وماعداه مرسوم بالهاء نحو: "ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين" آية (74) بالفرقان،
"فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين" بالسجدة آية (17).
9- "جنت" كتبت بالتاء المبسوطة في قوله تعالى في سورة الواقعة آية (89) "فروح وريحان وجنت نعيم".
       وما عداه مرسوم بالهاء نحو: "أيطمع كل امرىء منهم أن يدخل جنة نعيم" بالمعارج آية (38)، "وجنة عرضها السموات والأرض " بآل عمران آية (133)، "أم جنة الخلد التي وعد المتقون" بالفرقان آية (15).
10- "فطرت" رسمت بالتاء المبسوطة في قوله تعالى في سورة الروم آية (30) "فطرت الله التي فطر الناس عليها" ولا ثاني لها في القران، الكريم.
11- "بقيت" رسمت بالتاء المجرورة في موضع واحد وهو" بقيت الله خير لكم" بهود آية (86).
       وماعداه يرسم بالهاء نحو: "وبقية مما ترك ءال موسى" بالبقرة آية (248)، أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض" بهود آية (116).
12- "ابنت" رسمت بالتاء المبسوطة في قوله تعالى في سورة التحريم الآية الأخيرة منها "ومريم ابنت عمران" ولا ثاني في القرآن الكريم.
13-"كلمت" ترسم بالتاء المبسوطة في خمسة مواضع:
1- "وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا" بالإنعام آية (115).
2- "وتمت كلمت ربك الحسني علي بني إسرائيل" بالأعراف آية (137).
3- "كذلك حققت كلمت ربك علي الذين فسقوا" بيونس آية (33).
4- "إن الذين حققت عليهم كلمت ربك لا يؤمنون" بيونس آية (96).
5- "وكذلك حققت كلمت ربك علي الذين كفروا" بغافر (6) غير أن المصاحف اختلفت في رسم "كلمت" في الموضع الثاني بيونس وفي موضع غامر، فرسمت في الموضعين بالتاء في بعض المصاحف، والهاء في بعضها.
       وعلي هذا يجوز الوقف عليها بالتاء في الموضعين تبعا لبعض المصاحف وبالهاء في الموضعين تبعا للبعض الآخر. والراجح الوقف عليها في الموضعين بالتاء كما ذهب إليه المحققون.
       وما عدا ذلك من لفظ "كلمة" فمرسوم بالتاء المربوطة، ويوقف عليه بالهاء نحو: "وتمت كلمة ربك لأملأن جنهم" في هود آية (119)، "ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة" آية (24) سورة إبراهيم، "مثل كلمة خبيثة" في إبراهيم أيضا آية (26)، "وكلمة الله هي العليا" في التوبة آية (40).
14- "جملت" رسمت بالتاء المبسوطة في قوله تعالى "كأنه جملت صفر" في سورة المرسلات آية (33) وليس له ثان في القرآن الكريم.
15- "غيابت الجب" رسمت بالتاء المبسوطة في الموضعين بسورة يوسف، ولا ثالث لهما في القرآن الكريم.
       1- "وألقوه في غيبت الجب" آية (10).
       2- "أجمعوا أن يجعلوه في غيبت الجب" آية (15).
كلاهما في سورة يوسف عليه السلام.
16- "بينت" رسمت بالتاء نحو: "أفمن كان علي بينة من ربه" بهود آية (17)، "كم ءايتنهم من ءاية بينة" بالبقرة آية (211).
       ومما كتب بالتاء المبسوطة، ويوقف عليه بالتاء الألفاظ الآتية:
1- أسماء الجموع المختومة بالتاء نحو: "الأيت، ءايت، مبينت، بنيت، متبرجت، والؤتفكت، المنشأت، والعديت، والذريت، والمرسلت، ولنزعت والقنتت" وما شابه ذلك.
2- ملكوت، جالوت، طالوت، التابوت، الطاغوت.
3- "أبت" حيث ورد في القرآن الكريم، في ثمانية مواضع 2 بيوسف و4 بمريم وموضع في القصص وموضع بالصافات.
4- "هيهات" في موضعي سورة "المؤمنون" في قوله تعالى: "هيهات هيهات لما توعدون" آية (36).
5- "مرضات" في ثلاثة مواضع البقرة والنساء والتحريم في قوله تعالى في سورة الأنفال: "وأصلحوا ذات بينكم" آية (1)، وفي قوله تعالى في سورة النمل "حدائق ذات بهجة" آية (60).
6- "ولات" في قوله تعالى في سورة ص: "ولات حين مناص" آية (3).
7- "اللات" في قوله تعالى في سورة النجم "أفرءيتم اللت والعزى" آية (19).
       وقد جمع المحقق ابن الجزري التاءات التي رسمت مبسوطة في نظمه في المقدمة الجزرية فقال:
ورحمت الزخرف بالتازبره
الأعراف روم هود كاف البقرة
نعمتها ثلاث نحل إبرهم
معا أخيرات عقود الثان هم
لقمان ثم فاطر كالطور
عمران لعنت بها والنور
وامرأت يوسف عمران القصص
تحريم معصيت بقد سمع يخص
شجرت الدخان سنت فاطر
كلا والأنفال وحرف غافر
قرت عين جنت في وقعت
فطرت بقيت وابنت وكلمت
أوسط الأعراف وكل ما اختلف
جمعا وفردا فيه بالتاء عرف
 
       ويلاحظ أن النظم لم يشمل علي الكلمات: جمل، غيبت، وبينت وقد نظمها العلامة المتولي رضي الله عنه مع المختلف في جمعه وإفراده فقال:
وكل ما فيه الخلاف يجري
جمعا وفردا فبتاء فادر
وذا جملت وءايت أتى
في يوسف والعنكبوت يا فتى
وكلمت وهو في الطول معا
أنعامه ثم بيونس معا
والفرفت في سبأ وبينت
في فاطر وثمرا فصلت
غيبت الجب وخلف ثاني
يونس والطول فع المعاني
       وقال المنصوري في اللات وأخواتها ذات بهجة :
واللات ذا هيهات مع مرضاة              مع يا أبت حفص بتاء آتي
 
باب همزة الوصل
       لا يخلو الحرف الواقع أول الكلمة القرآنية من أن يكون متحركا أو ساكنا.
       فإن كان متحركا فحكمه ظاهر، وإن كان ساكنا فإن وصلت الكلمة بما قبلها فالحكم ظاهر أيضا. وإن ابتدائي بها فلا بد من اجتلاب همزة الوصل ليتوصل بها إلي النطق بالحرف الساكن الواقع أول الكلمة، إذ النطق به وهو في ابتداء الكلمة متعذر، فحينئذ لا يحتاج لهمزة الوصل إلا في حال الابتداء بالكلمة التي أول حروفها ساكن.
فيكون حكمها أنها تثبت في الابتداء أي في حال الابتداء بالكلمة التي دخلت عليها الهمزة وكان أول حروفها ساكنا. وتسقط في الدرج أي في حال وصل الكلمة التي هي فيها بما قبلها لاعتماد الحرف الساكن حينئذ علي ماقبله وعدم الاحتياج إليها. وسميت همزة وصل لأنها وصلة إلي النطق بالحرف الساكن وسبيل إلي التمكن من التلفظ به.
قال صاحب الخلاصة :
للوصل همز سابق لا يثبت
إلا إذا ابتدى به كاستثبتوا
وهو لفعل ماض احتوى على
أكثر من أربعة نحو انجلى
       وتكون همزة الوصل في الأفعال، والأسماء، والحروف.
       أما الأفعال فتكون فيها فيما يأتي:
1- الفعل الماضي الخماسي:
أعني المكون من خمسة أحرف نحو: "انطلق" من قوله تعالى: "وانطلق الملأ منهم" في سورة ص آية (6)، "إذا انطلقتم إلي مغانم" في سورة الفتح آية (15) ونحو: "اتخذ" من قوله تعالى: "أم اتخذ مما يخلق بنات" في سورة الزخرف آية (16)، "أم اتخذوا من دونه أولياء" في سورة الشورى آية (9)، "وقالوا اتخذ الله ولدا" في سورة البقرة آية (116)، "قال لئن اتخذت إلها" في سورة الشعراء آية (29).
       ونحو: "ارتاب" من قوله تعالى: "إذا لارتاب المبطلون" في سورة العنكبوت" آية (48)، "إن ارتبتم" في سورة المائدة آية (106)، "أم ارتابوا" في سورة النور آية (50).
       ونحو: "ارتضى" من قوله تعالى: "ولا يشفعون إلا لمن ارتضي" في سورة الأنبياء آية (28)، "الذي ارتضي" في سورة النور آية (55).
       ونحو: "اجتمع" في قوله تعالى: "قل لئن اجتمعت الإنس والجن " في سورة الإسراء آية (88). وقوله تعالى: "ولو اجتمعوا له" بسورة الحج آية (73).
       ونحو: "انفطر" في قوله تعالى: "إذا السماء انفطرت" في سورة الانفطار الآية الأولي منها. ونحو: "انشق" في: "إذا السماء انشقت" في أول سورة الانشقاق، ونحو: "اجتثت" في قوله تعالى: "اجتثت من فوق الأرض" في سورة إبراهيم آية (26) ونحو: "انصرف" في قوله تعالى: "ثم انصرفوا" في سورة التوبة آية (127).
ونحو: " اشترى" من قوله تعالى: " إن الله اشترى من المؤمنين" في سورة التوبة آية (111) ونحو: "اصطفي" من قوله تعالى: "إن الله اصطفي ءادم ونوحا" في سورة آل عمران آية (33) ونحو: "اضطر" في قوله تعالى: "فمن اضطر" في البقرة والمائدة والنحل وغيرها.
 
2- الفعل الماضي السداسي:
       أي المكون من ستة أحرف وإليك الأمثلة:
"استغفر" في "فاستغفروا الذنوبهم" في سورة آل عمران آية(135)، "فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول" في سورة النساء آية (64).
"استنصر" من قوله تعالى: "فإذا الذي استنصره بالأمس" في سورة القصص آية (18)، "استمسك" في قوله تعالى: "فقد استمسك بالعورة الو ثقي" في سورة البقرة آية (256)، "استحوذ" في قوله تعالى: "استحوذ عليهم الشيطن" في سورة المجادلة آية (19)، "اشمأز" في قوله تعالى: "وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالأخرة" في سورة الزمر آية (45)، "استكبر" في قوله تعالى: "أبي واستكبر " في سورة البقرة تعالى: (34)، " إلا أبليس استكبر ط في سورة ص آية (74)، " استسقى" "في قوله تعالى:  "وإذ استقي موسي" في سورة البقرة ص آية (60)، " استعلي" في قوله تعالى: "وقد أفلح اليوم من استعلي" في سورة طه آية (64)، "استغني" في قوله تعالى: "أما من استغني" في سورة عبس آية (5)، "وأما من بخل واستغني" في سورة الليل آية (8).
 
3- فعل الأمر الذي ماضيه خماسي:
نحو: "اتخذ" من قوله تعالى: "واتخذوا من مقام إبراهيم مصلي" في البقرة آية (125)، "انطلق" من قوله تعال: "انطلقوا إلي ماكنتم به تكذبون، انطلقوا إلي ظل ذي ثلث شعب" في سورة المرسلات آية (29،30) "اتبع في قوله تعال: "اتبع ما أوحي إليك من ربك" في سورة الأنعام آية (106)، وقوله تعال: "اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم" في سورة الأعراف آية (3)، "انتظر" من قوله تعالى: "فأعرض عنهم وانتظر" في سورة الأعراف آية الأخيرة من السورة ، وقوله تعالى: "قل انتظروا إنا منتظرون"  في سورة الأنعام آية (158)، "انتصر" في سورة القمر من قوله تعالى: "فدعا ربه أني مغلوب فانتصر "آية (10)، "ارتقب واصطبر" في سورة القمر أيضا من قوله تعالى: "فارتقب واصطبر" آية(27)، وفي السورة الدخان من قوله تعالى: "فارتقب إنهم مرتقبون" آخر السورة.
 
4- فعل الأمر الذي ماضيه سداسي:
نحو: "استغفر" من قوله تعالى: "فقلت استغفروا ربكم" في سورة نوح آية (10)، وقوله تعالى: واستغفر لهم الله" في سورة النور آية (62)، "استعن" من قوله تعالى: "واستعينوا بالصبر والصلوة" في سورة البقرة آية (153)، استجب من قوله تعالى: "استجيبوا لله وللرسول" في سورة الأنفال آية (24)، "استجيبوا لربكم" في سورة الشورى آية (47)، "استفزز" من قوله تعالى: "واستفزز من استطعت منهم بصوتك" في سورة الإسراء آية (64) إلي غير ذلك من الأمثلة.
       قال ابن مالك في الألفية :
والأمر والمصدر منه وكذا
أمر الثلاثي كاخش وامض وانفذا
 
5- فعل الأمر الذي ماضيه ثلاثي:
نحو : "اكشف" من قوله تعالى: "ربنا اكشف عنا العذاب" في سورة الدخان آية (12)، "اتل" من قوله تعالى: "اتل ما أوحي إليك من الكتب" في سورة العنكبوت آية (45)، "اذكر" في قوله تعالى: "اذكرني عند ربك" في سورة يوسف آية (42)، "اشكر" في قوله تعالى : "أن اشكر لي ولولديك" في سورة لقمان آية (14)، "اخرج" في "وقالت اخرج عليهن" في سورة يوسف آية (31)، "ارجع" في: "ثم ارجع البصر" في سورة الملك آية (4)، "انظر" في "ولكن انظر إلي الجبل" في سورة الأعراف آية (143)، "اذهب" في "قال اذهب فمن تبعك منهم" في سورة الإسراء آية (63)، "اهد" في : "ادهنا الصراط" في سورة الفاتحة، "اقرأ" في "اقرأ باسم ربك" في سورة العلق، "اضرب" في "أن اضرب بعصاك البحر" في سورة الشعراء آية (63).
وما أشبة ذلك من الأمثلة:
       وأما الأسماء فتكون همزة الوصل فيها قياسية وسماعية.
 
فالقياسية :
تكون في مصدر الفعل الخماس نحو: "اختلف" في "إن في اختلف اليل والنهار" في سورة يونس آية (6)، "لوجدوا فيه اختلفا كثيرا" في سورة النساء آية (82).
ونحو: "ابتغاء" في "ابتغاء مرضات الله" في سورة البقرة آية (265)، "ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله" في سورة آل عمران آية (7)، ونحو: "افتراء في "افتراء علي الله" في سورة الأنعام، آية (140).
       ونحو: "انتقام" في "والله عزيز ذو انتقام" في سورة آل عمران آية (4).
       وتكون في مصدر الفعل السداسي نحو: "استكبارا في استكبارا في الأرض ومكر السيء" في سورة فاطر آية (43)، "استكبروا استكبار" في سورة نوح آية (7).
 
والسماعية :
تكون في الأسماء الآتية :
1- "اثنان"، سواء كان مرفوعا نحو: "اثنان ذوا عدل منكم" في سورة المائدة آية (106)، "إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهر" في سورة التوبة آية (36). أم كان منصوبا نحو: "لا تتخذوا إلهين اثنين" في سورة النحل آية (51)، " وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا في المائدة آية (12).
2- "اثنتا"، سواء كان مرفوعا نحو: "فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا" في سورة البقرة آية (60). أم منصوبا نحو: "وإن كانتا اثنتين" في سورة النساء الآية الأخيرة بها، "وقطعنهم اثنتى عشرة أسباطا" في سورة الأعراف آية (160).
3- "ابن "، نحو: "إن ابني من أهلي" في سورة هود آية (45)، "ذلك عيسى ابن مريم" في سورة مريم آية (34)، "وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصرى المسيح ابن الله" في سورة التوبة آية (30).
4- "ابنة"، سواء كان مفردا وذلك في "ومريم أبنت عمران" في سورة التحريم آخر آية بها. أم مثني وذلك في "إحدى ابنتي" في سورة القصص آية (27).
5- "امرؤ"، سواء كان مرفوعا وذلك في "إن امرؤ هلك" في سورة النساء آخر آية بها. أم منصوبا، وذلك في "ما كان أبوك امرأ سوء" في سورة مريم آية (28)، أم مجرورا وذلك في "كل امرىء بما كسب رهين" في سورة الطور آية (21)، "لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه" في سورة عبس آية (37).
6- "امرأة"، سواء كان مفردا نحو. "وإن امرأة خافت" في سورة النساء آية (138)، "وامرأة مؤمنة" في سورة الأحزاب آية (50)، "إذ قالت امرأت عمرن"، في سورة آل عمران آية (35)، "امرأت العزيز" في سورة يوسف آية (30)، (51)، "امرأت فرعون" في سورة القصص آية (9)، "امرأت نوح، وامرأت لوط، امرأت فرعون" ثلاثتها في التحريم آية (10)، (11). أم كان مثنى نحو: "وامرأتان ممن ترضون من الشهداء" في سورة البقرة آية (282)، "ووجد من دونهم امرأتين تذودان" في سورة القصص آية (23).
7- "اسم" ، نحو: "اقرأ باسم ربك" في سورة العلق، "واذكر اسم ربك" في سورة المزمل آية (8)، وفي سورة الدهر من قوله تعالى: "واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا" آية (25)، و"منه اسمه المسيح عيسي ابن مريم" في سورة آل عمران آية (45)، "يأتي من بعدي اسمه أحمد" في سورة الصف آية (6).
قال ابن مالك في الألفية:
وفي اسم ابن ابنم سمع
واثنين وامرئ وتأنيث تبع
وأيمن همز أل كذا ويبدل
مدا في الاستفهام أو يسهل
*     *     *
وتفتح همزة الوصل في الأسماء في حال الاستفهام :
قال بعضهم :
اسم أبيك أمير اليوم                              ابنك هذا وليد اليوم
*     *     *
وأما الحروف فلم تدخل همزة الوصل عليها في القرآن إلا فيما يلي:
1- اللام الموصولة: كاللامات الموصولة في آية "إن المسلمين والمسلمت والمؤمنين والمؤمنت والقنتين والقنتت" [78] إلي آخر الآية الكريمة في سورة الأحزاب (35).
2- اللام الزائدة اللازمة التي لا تفارق الكلمة، ولا تنفك عنها وتكون مقارنة لوضع الكلمة مثل: الذي، الذان، الذين، التي، التي، اليء، الأن، اليسع.
3- اللام الزائدة الغير لازمة، وهي المعبر عنها بلام التعريف. ولام أال نحو: "الأرض، البحر، الجبال، الحيوان، الخير، العليم، الغفور، الفتاح، القدير، الكبير، الملك، الهدى. ونحو: التواب، الثقلان، الدهر، الذكر، الرحمن، الزجاجة، السماء، الشكور، الصلحت، والضحى، الطير، الظهيرة، اليل، النور، وما أشبة ذلك من اللامات السواكن القمرية والشمسية.
وما عدا من الحروف في القرآن الكريم لا يدخل عليها همزة الوصل.
*     *     *     *
 
       وأما حكم همزة الوصل من حيث حركتها فنوضحه فيما يلي:
1- الكسر :
تكسر همزة الوصل الداخلة علي الأسماء مطلقا سواء كان دخولها عليها قياسيا وذلك في مصادر الفعل الخماسي والسداسي، أم سماعيا وذلك الأسماء السبعة المذكورة آنفا.
       وتكسر الداخلة علي الأفعال أيضا إذا كان ثالث حروف الفعل مكسورا، نحو: "إهدنا الصرط المستقيم، ارجع عليهم، ربنا اكشف عنا العذاب" أو مفتوحا نحو: "اتبع ما أوحى إليك من ربك، الذي ارتضي لهم" ونحو: "استحوذ عليهم الشيطان، استجيبوا لربكم".
       ونحو: "قال اذهب فمن تبعك منهم، اقرأ باسم ربك، وافعلوا" ووجه كسر همزة الوصل إذا كان ثالث الفعل مكسورا المناسبة بين أول الفعل وثالثه ولا اعتداد بالساكن بينهما لأنه ليس بحاجز، ووجه كسر الهمزة إذا كان ثالث الفعل مفتوحا القياس علي كسرها إذا كان ثالث الفعل مكسورا، قال صاحب العقد الفريد. ووجب كسرها مع ثالثه إن كان مفتوحا خوف الالتباس بألف التكلم نحو: "اجعل" وقفا. وقيل حملا علي المكسور. أهـ .
       وفي كتاب انشراح الصدور في تجويد كلام الغفور: لو فتحت الهمزة فيما ثالثة مفتوح لا لتبس المضارع بالأمر. أهـ .
وقال العلامة ملا علي قاري في شرح كلام الجزرية: ولأن همزة القطع غالبا تكون مفتوحة فلابد من ظهور المغايرة بين همزة الوصل وهمزة القطع أهـ .
       وتكسر كذلك إذا كان ثالث الفعل مكسورا بحسب الأصل، ثم عرض له الضم الموجب وقد وقع ذلك في القرآن الكريم في أربعة أفعال:
1- "امشوا" في قوله تعالى: "أن امشوا واصبروا علي ءالهتكم" في سورة ص الآية (6).
2- "إيتوا" في قوله تعالى: "ثم ائتوا صفا" في سورة طه الآية (64)، ومن قوله تعالى: "ماكان حجتهم إلا أن قالوا ائتوا بأبائنا أن كنتم صدقين" في سورة الجاثية الآية (25)، وفي قوله تعال: "أم لهم شرك في السموت ائتوني بكتب" في سورة الأحقاف الآية (4) وقبل هاتين السورتين "ائتيا" في قوله تعالى: "فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أوكرها" في سورة فصلت الآية (11)، وفي قوله تعال: "إيت بقرءان غير هذا" في سورة يونس الآية (15).
3- "ابنوا" في قوله تعالى: "فقالوا ابنوا عليهم بنينا" في سورة الكهف الآية (21)، وفي قوله تعالى: "قالوا ابنوا له بنيناً فألقوه في الجحيم" في سورة الذبح الآية (97).
4- "اقضوا" في قوله تعالى: "ثم اقضوا إلي ولا تنظرون" في سورة يونس الآية (71).
       وقد جمعت هذه الكلمات في قول ابن عبدالحق.
 
 
اقضوا وايت ابنو بذبح الكهف
امشوا ائتيا ثلاثة في العرف
تسع أتت بدءاً بكسر قد أتي
سور ثمان رتبت قال الفتى
يونس وكهف طه ذبح والولا
مع فصلت والجاثية حقف جلا
       وذلك أن أصل هذه الأفعال "امشيوا" بكسر الشين وضم الياء، "ايتيوا" بكسر التاء وضم الياء، "ابنيوا" بكسر النون وضم الياء، "اقضيوا" بكسر الضاد وضم الياء، ثم نقلت حركة الياء إلي الشين بعد تقدير سلب حركتها في "امشوا" ونقلت حركة الياء إلي التاء في "ائتوا" وحركة الياء إلي النون في "ابنوا" وحركة الياء إلي الضاد في "اقضوا" فصارت الشين مضمومة وكذا التاء والنون والضاد، وإنما نقلت حركة الياء إلي هذه الأحرف ليكون ثم تناسب بين حركتها وبين الواو، ولما نقلت حركة الياء إلي هذه الأحرف سكنت الياء فالتقي ساكنا فحذفت الياء للتخلص من التقاء الساكنين، فصارت هذه الأفعال: "امشوا ايتوا، ابنوا، اقضوا".
       قال العلماء والدليل علي أن الأصل في هذه الأفعال الكسر ثم عرض الضم. أنك إذا أمرت المخاطب الواحد قلت: "امش، ايت، ابن، اقض" وإذا أمرت الاثنين قلت: "امشيا، ايتيا، ابنيا، اقضيا" بكسر الشين والتاء والنون والضاد. فهذا يدل علي أن الكسر هو الأصل والضم عارض. فمن أجل ذلك وجب كسر همزة الوصل عند بهذه الأفعال، نظرا للأصل.
 
2- الضم:
تضم همزة الوصل إذا كان ثالث الفعل مضموما ضما أصليا نحو: "أن[79] اشكر لي ولوالديك"، اذكرني[80] عند ربك، اتل[81] ما أوحي إليك، ولقد[82] استهزئ برسل من قبلك، اجتثت[83] من فوق الأرض، "وقالت[84] اخرج عليهن، قال[85] رب انصرني، قليؤد[86] الذي اؤتمن أمنته، اعبدوا ربكم، ادعوا ربكم، فمن اضطر، ولكن انظر ‘لي الجبل، وقال الذين استضعفوا".
       ووجه ضم الهمزة حال ضم ثالث الفعل تحقيق التناسب بين الهمزة وثالث الفعل، وعدم الالتفات للثاني لكونه غير حاجز. قال الشيخ خالد الأزهري في شرحه علي الجزرية: وإنما ضمت الهمزة عند ضم ثالث الفعل لئلا يلزم الخروج من الكسر إلي الضم، ولا اعتبار بالساكن لأنه ليس بحاجز أهـ .
 
3- الفتح :
تفتح همزة الوصل الداخلة علي اللام سواء كانت موصولة، أم زائدة لازمة، أم زائدة غير لازمة وهي لام التعريف وقد سقنا لك من أمثلة الأنواع الثلاثة ما فيه الكفاية والغناء وإذا اجتمعت همزة الاستفهام وهمزة الوصل في كلمة وجب حذف همزة الوصل لأن الغرض منها وهو التوصل إلي النطق بالحروف الساكن قد تحقق بهمزة الاستفهام فلم يكن هناك داع لوجود همزة الوصل. وقد وقع في سبع كلمات في القرآن الكريم جمعها المنصوري في الأبيات التالية:
قد أوجبوا حذفا لهمز الوصل
غنى بالاستفهام قبل الفعل
قل أتخذتم أطلع ثم افترى
مع أصطفى قبل اتخذناهم يرى
من بعدها استكبرت واستغفرت
فاقرأ بفتح الهمز إن أحسنت
في النظم جا سبع وفي سور أتت
ست بحق إنها قد بينت
 
       وهذه المواطن السبع هي:
1- "قل أتخذتم عند الله عهدا" في البقرة الآية (80).
2- "أطلع الغيب" في سورة مريم الآية (78).
3- "أفترى علي الله كذبا" في سورة سبأ الآية (8).
4- "أصطفى النبات" في سورة الصافات الآية (153).
5- "أتخذنهم سخريا" في سورة ص الآية (63).
6- "أستكبرت" في سورة ص الآية (75).
7- "أستغفرت لهم" في سورة المنافقون الآية (6).
 
       وأصل هذه الأفعال: أاتخذتم، أاطلع، أإفترى، أاصطفى، أإتخذناهم، أاستكبرت، أاستغفرت. بهمزتين. الأولى همزة الاستفهام وهي مفتوحة، والثانية همزة الوصل وهي مكسورة لدخولها علي فعل ماض خماسي في: أتخذتم، أطلع، أفترى، أصطفى، أتخذنهم. وعلي فعل ماض سداسي في: أستكبرت، أستغفرت، فحذفت همزة الوصل استغناء عنها بهمزة الاستفهام، ولا يترتب على حذفها التباس الاستفهام بالخبر، لأن همزة الاستفهام تكون همزة قطع، وتكون مفتوحة أبدا، وتثبت وصلا وابتداء، وأما همزة الوصل فتثبت ابتداء وتسقط وصلا، ولا تكون في الأفعال السابقة وما ماثلها إلا مكسورة.
       وإذا اجتمعت همزة الاستفهام وهمزة الوصل في كلمة، وكان بعد همزة الوصل لام وجب إبقاء همزة الوصل وامتنع حذفها لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر. ولكن لا يجوز النطق بهمزة الوصل محققة. بل يجوز فيها لكل القراء حفص وغيره وجهان:
الأول ـ تسهيلها بين بين، أي بين الهمزة والألف.
الثاني ـ إبدالها حرف مد مع الإشباع. وقد وقع ذلك في ثلاث كلمات في ستة مواضع:
الكلمة الأولي : "ءآلذكرين" [87] في موضعي الأنعام.
الكلمة الثانية : "ءآلئن" [88] في موضعي يونس .
الكلمة الثالث : "ءآلله أذن لكم" في يونس، ءآلله خير أما يشركون" في النمل .
قال الإمام الشاطبي رضي الله عنه:
وإن همز وصل بين لام مسكن
وهمزة الاستفهام فامدد مبدلا
فللكل ذا أولى ويقصره الذي
يسهل عن كل كالآن مثلا
تتمة :
إذا وقفت علي بئس ـ لضرورة أو اختبار أو نحو ذلك ـ وأردت الابتداء بـ"الاسم" من قوله تعالى في سورة الحجرات "بئس الاسم الفسوق بعد الإيمن" الآية (11) فلك الابتداء بهمزة الوصل مفتوحة، ولك الابتداء باللام المكسورة مع ترك همزة الوصل.
       وقد أشار إلي هذين الوجهين العلامة المتولي في الروض النضير [89] فقال:
وفي بئس الاسم ابدأ بأل أو بلامه
                           فقد صحح الوجهان في النشر للملا
 
مايتعين علي القاريء معرفته من مذهب حفص
       يتعين علي القارىء برواية حفص أن يعرف مذهبه فيما يلي:
1- سهل حفص الهمزة الثانية بين بين أي بينها وبين الألف في لفظ: "ءأعجمي وعربي" في قوله تعالى في سورة فصلت "ءأعجمي وعربي" ولم يسهل في القرآن إلا هذه الهمزة .
2- أمال الراء والألف في لفظ "مجربها" في قوله تعالى في سورة هود "بسم الله مجرها ومرسيها" ولم يمل في القرآن إلا في هذا اللفظ.
3- له في نون "تأمنا" في سورة يوسف وجهان: الإشمام والروم قال الإمام الشاطبي رضي الله عنه:
...           ...           ....                       وتأمننا للكل يخفي مفصلا
وأدغم مع إشمامه البعض عنهم.
4- له الإظهار والإدغام في الكلمات الآتية:
"يلهث ذلك" في سورة الأعراف، "اركب معنا" في سورة هود، "يس والقرءان الحكيم" صدر سورة يس، "ن والقلم" أول سورة القلم. وقد تقدم بيان ذلك في باب المتماثلين والمتقاربين والمتجانسين.
5- له فتح الضاد وضمنها في كلمتي: "ضعف، وكلمة "ضعفا في قوله تعالى في سورة الروم "الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة".
قال المنصوري :
ضعفا بفتح الضم حفص قد قرا
والخلف قل في الروم عن حفص يرى
6- له إشباع هاء الضمير بقدر حركتين عند الوصل في كلمة "فيه" في قوله تعالى في سورة الفرقان "ويخلد فيه مهانا".
7- تجوز له القراءة بالسين والصاد في الكلمات الآتية:
"والله يقبض ويبسط" في البقرة، "وزادكم في الخلق بسطة" في الأعراف" "أم هم المصيطرون" في الطور، "لست عليهم بمصيطر" في الغاشية قال المنصوري:
يبسط وبسط الخلق سين قد قرا
حفص وعنه الخلف في نشر يرى
في الجمع خلف إن قرأت لحفصهم
بالصاد في الافراد عنه تقبلا
والخلف في الحرفين نص النشر
عن حفصهم والنقل لابن الجزري
8- يجوز له السكت وتركه عند الوصل علي ألف عوجا في قوله تعالى في سورة الكهف : "ولم يجعل له عوجا" وعلي ألف "مرقدنا" في قوله تعالى في سورة يس "من بعثنا من مرقدنا"، وعلي نون من في قوله تعالى في سورة القيامة "وقيل من راق" وعلي لام بل في قوله تعالى في سورة المطففين "كلا بل ران" وقد تقدم الكلام علي هذه المواضع وحكمة السكت عليها.
 
 
كيفية القراءة
لقراءة القرآن الكريم أربع كيفيات:
       الأولي ـ الترتيل : وهو تجويد كلماته، وتقويم حروفه، وتحسين أدائه، بإعطاء كل حرف حقه، ومنحه مستحقه من الإجادة والإتقان، والتحقيق والإحسان، ولا يكون ذلك إلا بتصحيح إخراج كل حرف من مخرجه الأصلي المختص به تصحيحا يمتاز به عن مقاربه ، وتوفية كل حرف صفته المعروفة به توفية تخرجه عن مجانسه مع تيسير النطق به علي صفته الحقيقية، وهيأته القرآنية، ومع العناية بإبانة الحروف، وتمييز بعضها من بعض، وإظهار التشديدات، وتحقيق الهمزات، وتوفية الغنات، وإتمام الحركات، والإتيان بكل من الإظهار والإدغام والقلب والإخفاء علي حقيقته التي وردت عن أئمة القرآن. ومع تفخيم ما يجب تفخيمه من الحروف، وترقيق ما يجب ترقيقه منها، وقصر ماينبغي قصره، ومد ما يتعين مده، ومع ملاحظة الجائز من الوقوف، والممنوع منها، ليوقف علي ما يصح الوقف عليه، ووصل مالا يصح الوقف عليه ووصل مالا يصح الوقف عليه علي أن يكون ذلك كله. من غير تشدق ولا إسراف، ولا تصنع ولا اعتساف، ولا خروج عن الجادة إلى حد الإفراط الذي قد ينشأ عنه تحريك السواكن، وتوليد الحروف، وتكرير الراءات، وتطنين النونات بالمبالغة في الغنات، إلي غير ذلك مما ينفر منه الطبع السليم، ويأباه الذوق المستقيم.
       وعلي أن يكون ذلك كله أيضا في تؤدة وطمأنينة، وبعد عن الإسراع والعجلة، وهذه الكيفية هي التي نزل بها القرآن الكريم. وهي المرادة من الترتيل الذي أمر الله به نبيه محمد  rفي قوله تعالى : "ورتل القرآن ترتيلا".
الكيفية الثانية ـ التحقيق : وهو كالترتيل في جميع ماذكر غير أنه أكثر من الترتيل تؤدة، وأشد طمأنينة، وأبعد عن العجلة والإسراع، وهو الذي يستحسن في مقام التعليم، ويستحب حال التلقي، والأخذ عن الشيوخ.
       والتحقيق مذهب حمزة وورش من غير طريق الأصبهاني عنه، ومذهب ابن عامر وعاصم من بعض الطرق عنهما.
الكيفية الثالثة ـ الحدر : بسكون الدال وهو كالترتيل في مراعاة جميع الأحكام غير أنه يكون مع السرعة في القراءة، ويجب التحرز فيه عن بتر الحروف ، ونقص الغنات واختلاس الحركات والتفريط إلي حد لا يصح به القراءة، فإن ذلك محرم شرعا.
       والحدر مذهب من قصر المنفصل كابن كثير وأبي عمرو ويعقوب وأبي جعفر وقالون والأصبهاني عن ورش.
الكيفية الرابعة ـ التدوير : وهو كالترتيل أيضا في القواعد والأحكام بيد أنه يكون في حال وسط بين التؤدة والسرعة، وبين الطمأنينة والعجلة، فيكون وسطا بين الترتيل والحدر.
       والتدوير هو الذي ورد عن أكثر الأئمة ممن روي مد المنفصل ولم يبلغ فيه حد الإشباع كابن عامر والكسائي. قال في النشر: وهو مذهب سائر القراء، وصح عن جميع الأئمة، وهو المختار عند اكثر أهل الأداء. أهـ .
       قال المحقق ابن الجزري:
ويقرأ القرآن بالتحقيق مع
حدر وتدوير وكل متبع
مع حسن صوت بلحون العرب
مرتلا مجورا بالعربي
       وما ذكرناه من تخصيص كل كيفية ببعض القراء هو الغالب علي قراءتهم.
       وإلا فكل القراء يجيز كلا من الكيفيات الأربع والله تعالى أعلم.
 
باب الاستعاذة والبسملة
الاستعاذة :
       اتفق العلماء علي أن الاستعاذة مطلوبة ممن يريد القراءة بمقتضى قوله تعالى في سورة النحل: "فإذا قرأت القرءان فاستعذ بالله من الشيطن الرجيم".
       ولكن اختلفوا هل هذا الطلب علي سبيل الندب، أو علي سبيل الوجوب؟
       فذهب الجمهور إلي الأول، وقالوا إن الاستعاذة مندوبة عند إرادة القراءة. وذهب بعضهم إلي الثاني وقالوا: إن الاستعاذة واجبة عند إرادة القراءة. والمختار في صيغتها "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" لأنها الصيغة الواردة في سورة النحل في الآية المذكور، ويجوز غير هذه الصيغة نحو: "أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم أو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" إلى غير ذلك من الصيغ الواردة عن أئمة القراءة.
       وحكم الاستعاذ من حيث الإخفاء والجهر أنه يستحب إخفاؤها في الأحوال الآتية:
1- إذا كان القاريء يقرأ سرا.
2- إذا كان يقرأ جهرا وكان خاليا.
3- إذا كان يقرأ في الصلاة مطلقا سواء كان إماما، أم مأموما، أم منفردا، وسواء كانت الصلاة سرية، أم جهرية.
4- إذا كان يقرأ وسط جماعة يتدارسون القرآن كأن يكون في مقرأة ولم يكن هو المبتدئ بالقراءة، فحينئذ يخفى الاستعاذة لتتصل القراءة، ولا يتخللها أجنبي. إذ الاستعاذة ليست من القرآن بالاجماع.
       ويستحب الجهر بالاستعاذة إذا كان القارىء يقرأ جهرا، وكان هناك من يستمع لقراءته. وفي حال المدارسة ويكون هو المبتدئ بالقراءة.
       قال المحقق ابن الجزري :
وقل أعوذ إن أردت تقرا
كالنحل جهرا لجميع القرا
وإن تغير أو تزد لفظا فلا
تعد الذي قد صح مما نقلا
 
البسملة :
       وأما البسملة : فقد أجمعوا علي وجوب الإتيان بها في أول كل سورة سوى براءة، فإذا ابتدأ القارىء قراءته بأول سورة وجمع بين الاستعاذة والبسملة فإنه يجوز له حينئذ أربعة أوجه:
الأول : الوقف علي الاستعاذة وعلي البسملة. وهذا أحسن الأوجه.
الثاني : الوقف علي الاستعاذة ووصل البسملة بأول السورة.
الثالث : وصل الاستعاذة بالبسملة مع وقف عليها.
الرابع : وصل الاستعاذة بالبسملة ووصل البسملة بأول السورة.
       وإذا ابتدأ قراءته بأول سورة براءة ـ ولا بسملة في أولها بالإجماع ـ فيجوز له وجهان فقط:
الأول : الوقف علي الاستعاذة .
الثاني : وصل الاستعاذة بأول السورة.
       أما إذا كان ابتداؤه بآية في أثناء السورة سوى براءة فيجوز له الإتيان بالبسملة وتركها.
       ولكن نقل عن الإمام الشاطبي أنه كان يأمر بالبسملة بعد الاستعاذة في نحو قوله تعالى: "الله لا إله إلا هو " وقوله تعالى: "وعنده مفاتح الغيب" وقوله تعالى: "إليه يرد علم الساعة" لما في وصل هذا وأمثاله بالاستعاذة من البشاعة.
       فإذا أتى القارىء بالبسملة مع الاستعاذة عند البدء بآية في وسط سورة فإنه تجوز له الأوجه الأربعة المذكورة عند الابتداء بأول السورة.
       وإذا ترك البسملة جاز له وجهان فقط:
الأول : الوقف علي الاستعاذة.
الثاني : وصلها بأول الآية.
       وحينئذ يكون للقارئ عند البدء بآية في أثناء السورة ستة أوجه، أربعة عند ذكر البسملة واثنان عند تركها.
       وأما الابتداء بآية في أثناء براءة فقد اختلف فيه العلماء فذهب بعضهم إلي منع الإتيان بالبسملة في أثنائها كما منعت في أولها وعلي هذا يكون للقاريء وجهان فق، الأول الوقف علي الاستعاذة.
       والثاني وصلها بأول الآية.
       وذهب بعضهم إلي جواز الإتيان بالبسملة في أثناء براءة كجوازها في أثناء غيرها.
وعلي هذا تجوز الأوجه الأربعة المذكورة آنفا.
قال المحقق ابن الجزري:
وقف لهم عليه أوصل واستحب                   تعوذ وقال بعضهم يجب
       وقال بعضهم :
وبسملة حرم لبدء براءة
                                                وتكره في الأثنا وهذا مذهبي
قد قاله ابن عبدالحق والهيثم الذي
                                                ببكة والخطيب المهذب
رمليهم قد قال بداء بكرهها
                                                وتندب في الأثنا وهذا مطلبي
 
 
 
حكم البسملة في أثناء السورة
 
       لا يجوز وصل البسملة بجزء من أجزاء السورة لا مع الوقف ولا مع وصله بما بعده. إذ القراءة سنة متبعة وليس أجزاء السورة محلا للبسملة عند أحد والمنع من ذلك أولي من منع وصلها بآخر السورة والوقف عليها. إذ ذاك محل لها في الجملة وقد منعت لكون البسملة للأوائل لا للأواخر.
       وحكم البسملة في أثناء السورة التخيير قال المنصوري:
ووسطا خير وقطع قد ورد
والوصل محظور في الأجزا عن سند
فالبسملة بدء لبدء يلعي
والجزء لايبدأ به في العرف
والفصل أولي عند كل قد أتى
وسط السور بالنص عنهم يا فتي
في منهل الاتحاف فضلاء البشر
من يأته يحظي بخير كالمطر
في صفحة (نسبي) حساب يقصد
للنقشبندي الشافعي هو أحمد
والكنية البنا لدمياط انتسب
فهو الإمام المرتضي والمحتسب
في نقله عن شيخنا السلطان
غيت الورى هو مورد الظمآن
نظم ابن يونس جده قل أحمدا
يكني بعبد الحق ربي قد هدي
ثم الصلاة علي الحبيب محمد
خير الأنام رسول رب مهتد
 
 
حكم ما بين السورتين
       إذا وصل القاريء أول سورة ـ غير براءة ـ بالتي قبلها فيجوز له ثلاثة أوجه:
الأول : الوقف علي آخر السورة وعلي البسملة.
الثاني : الوقف علي آخر السورة ووصل البسملة بأول السورة التالية.
الثالث : وصل آخر السورة بالبسملة مع وصل البسملة بأول السورة التالية:
       أما الوجه الرابع الذي يجيزه العقل ـ وهو وصل آخر السورة بالبسملة ـ مع الوقف عليها فهو ممتنع اتفاقا لأن البسملة إنما جعلت لأوائل السور لا لأواخرها.
       وأما إذا وصل أول براءة بآخر الأنفال فيجوز له ثلاثة أوجه.
الأول : الوقف، وقد يعبر عنه بالقطع، وهو الوقف علي آخر الأنفال مع التنفس.
الثاني : السكت، وهو الوقف علي آخر الأنفال من غير تنفس.
الثالث : وصل آخر الأنفال بأول براءة.
       وتكون هذه الأوجه الثلاثة بدون بسملة . إذ لم تثبت البسملة في أول براءة بالإجماع كما تقدم.
قال المحقق ابن الجزري :
....          ....          .....                      وفي ابتداء السورة كل بسملا
سوي براءة فلا ولو وصل                              ووسطا خير وفيها يحتمل
وإن وصلتها بآخر السور                                فلا تقف وغيره لا يحتجر
 
 
باب التكبير
1- سبب وروده :
       ذهب جمهور العلماء إلي أن سبب وروده: أن الوحي تأخر عن رسول الله r فقال المشركون زورا وكذبا : إن محمدا ودعه ربه وقلاه . فنزل تكذيبا لهم، وردا لمفترياتهم قوله تعالى: "والضحى واليل إذا سجي" إلي آخر السورة.
       فلما فرغ جبريل من قراءة هذه السورة قال النبي r : "الله اكبر" وشكرا لله تعالى على ما أولاه من نزول الوحي عليه بعد انقطاعه. ومن الرد علي إفك الكافرين ومزاعمهم.
       وفرحا وسرورا بالنعم التي عددها الله تعالى عليه في هذه السورة الكريمة وما تضمنه الوعد الكريم في قوله تعالى: "ولسوف يعطيك ربك فترضي".
       ثم أمر الرسول r أن يكبر إذا بلغ "والضحى مع خاتمة كل سورة حتى يختم تعظيما لله تعالى، واستصحابا للشكر، وابتهاجا بختم القرآن العظيم.
 
2- حكم الكبير :
       أجمع من ذهب إلي إثبات الكبير علي أنه ليس بقرآن، وإنما هو ذكر ندب إليه الشارع عند ختم بعض سور القرآن كما ندب إلي التعوذ عند البدء بالقراءة، ونظرا للإجماع علي أنه ليس بقرآن لم يكتب في مصحف مامن المصاحف العثمانية لا في الملكي ولا في غيره.
وحكمه : أنه سنة مأثورة عن رسول الله r وعن الصحابة والتابعين.
       ولقول البزى قال لي الإمام الشافعي: إن تركت التكبير فقد تركت سنة من سنن رسول الله r. قال أبوالفتح فارس بن أحمد: إن التكبير سنة مأثورة عن رسول الله r وعن الصحابة والتابعين.
       وروي البزى أنه قال سمعت عكرمة بن سليمان يقول : قرأت علي إسماعيل بن عبدالله المكي. فلما بلغت والضحى قال لى كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم ، فإني قرأت على عبدالله بن كثير فلما بلغت والضحى قال لى كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم، وأخبره أنه قرأ علي مجاهد فأمره بذلك وأخبره مجاهد أن ابن عباس أمره بذلك وأخبره ابن عباس أن أبي بن كعب أمره بذلك وأخبره أن النبي r أمره بذلك رواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد.
       وقد اتفق الحفاظ علي أن حديث التكبير لم يرفعه إلي النبي r إلا البزي، وأما غيره فرواه موقوفا علي ابن عباس ومجاهد.
       وهذا الحكم عام داخل الصلاة وخارجها.
       قال الأزهري: والتكبير عند أهل مكة سنة مأثورة يستعملونه في قراءتهم ودروسهم وصلاتهم.
       وروي السخاوي عن أبي محمد الحسن بن محمد القرشي بن عبدالله القرشي أنه صلى بالناس التراويح خلف المقام بالمسجد الحرام فلما كانت ليلة الختم كبر من خاتمة والضحى إلي آخر القرآن في الصلاة فلما سلم إذا بالإمام أبي عبدالله محمد بن إدريس الشافعي قد صلى وراءه قال : فلما أبصرني الإمام الشافعي قال لي أحسنت أصبت السنة والأحسن أن يكون التكبير في صلاة سرا مطلقا سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية. والله تعالى أعلم.
 
3- بيان من ورد عنه التكبير :
       ورد في النشر عن ابن الجزري قوله : اعلم أن التكبير صح عند أهل مكة قرائهم وعلمائهم وأئمتهم ومن روي عنهم صحة استفاضت واشتهرت وذاعت وانتشرت حتى بلغت حد التواتر.أ.هـ .
       وصح أيضا عند غيرهم . إلا أن اشتهاره عنهم أكثر لمداومتهم على العمل عليه بخلاف غيرهم من أئمة الأمطار.
       وأجمع أهل الأداء علي الأخذ به للبزي. واختلفوا في الأخذ به لقنبل فالجمهور من المغاربة علي تركه له كسائر القراء وهو الذي في التيسير وغيره وأخذ له جمهور العراقيين وبعض المغاربة بالتكبير وأخذ له بعضهم بالوجهين التكبير وتركه والوجهان في الشاطبية. وروي التكبير أيضا عن غيرالبزي وقنبل من القراء، ولكن المأخوذ به من طريق التيسير والشاطبية اختصاصه بالبزي وقنبل بخلاف عنه.
 
4- صيغته :
       ذهب الجمهور إلى أن صيغته: "الله أكبر" من غير زيادة تهليل قبله ولا تحميد بعده.
       وذلك لكل من البزي وقنبل، علي القول بثبوت التكبير له وروي بعض العلماء عنهما زيادة التهليل قبل التكبير فتقول: "لا إله إلا الله والله أكبر" وزاد بعضهم لهما التحميد بعدا التكبير فتقول: "لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحميد" إلا أن التهليل قبله والتحميد بعده لم يثبتا عن البزي وقنبل من طريق التيسير والشاطبية بل ثبتا عنهما من طرق أخرى، ولكن جري عمل الشيوخ قديما وحديثا علي الأخذ بكل ما صح في التكبير وإن لم يكن من طرق الكتاب المقروء به، لأن المقام إسهاب وإطناب للتلذذ بذكر الله عند ختم كتابه. وينبغي أن تعلم أن الحميد لقنبل ليس من طريق التيسير والشاطبية ولا من طريق النشر أيضا.
فالأولي الاقتصار له إذا قرئ له بالتكبير علي التكبير وحده أوعليه مع التهليل، وأن تعلم أيضا أنه لا تحميد لأحد بين الليل والضحى والله تعالى أعلم.
 
5- ابتداء التكبير وانتهاؤه :
       اختلف العلماء في موضع ابتداء التكبير وانتهائه. فذهب فريق إلى أن ابتداءه من أول سورة الضحى، وانتهاؤه أولي سورة الناس، وذهب فريق آخر إلى أن ابتداءه من آخر والضحى وانتهاءه آخر الناس.
       ومنشأ هذا الخلاف أن النبي r لما قرأ عليه جبريل سورة والضحى كبر عقب فراغ جبريل من قراءة هذه السورة ثم قرأها هو. فهل كان تكبيره r لقراءته هو أو لختم قراءة جبريل؟ ذهب فريق إلي الأول وهو أن تكبيره r كان لقراءة نفسه وهذا الفريق هو الذي يرى أن ابتداء التكبير أول سورة الضحى وانتهاؤه أول سورة الناس.
       وذهب فريق إلى الثاني وهو أن تكبيره r كان لختم قراءة جبريل وهذا الفريق هو الذي يرى أن ابتداءه آخر والضحى وانتهاءه آخر الناس. ومن هنا تعلم أن الخلاف في ابتداء التكبير وانتهائه مبني علي الخلاف في تكبير النبي r هل كان لبدء قراءته أم لختم قراءة جبريل؟ فمن ذهب إلي أن تكبيره r لبدء قراءته يرى أن ابتداء التكبير أول والضحى وانتهاءه أول الناس. ومن ذهب إلى أن تكبيره أن لختم قراءة جبريل يرى أن ابتداءه آخر والضحى وانتهاءه آخر الناس.
       هذا ولم يذهب أحد إلي أن ابتداء التكبير من آخر الليل. وأما قول الشاطبي: "وبعض له من آخر الليل وصلا".
       فالمراد به أول والضحى كما بينه شراح الشاطبية.
قال بعضهم:
وبعض له من آخر الليل وصلا                          أراد به بدء الضحى فتأملا
 
6- بيان أوجه التكبير:  
       وهي ثمانية أوجه بين كل سورتين من سور الختم يمتنع منها وجه واحد وتجوز السبعة الباقية، وتنقسم هذه الأوجه السبعة ثلاثة أقسام: اثنان منها علي تقدير أن يكون التكبير لأول السورة، واثنان علي تقدير أن يكون لآخرها، وثلاثة تحتمل التقديرين.
       فأما الوجهان المبنيان علي تقدير أن يكون التكبير لأول السورة .
فأولها: قطع التكبير عن آخر السورة ووصله بالبسملة مع الوقف عليها ثم الابتداء بأول السورة التالية.  
وثانيهما: قطعه عن آخر السورة ووصله بالبسملة مع وصل البسملة بأول السورة التالية وهذان الوجهان ممنوعان بين الناس والفاتحة.
       وأما الوجهان المبنيان علي تقدير أن يكون التكبير لأخر السورة.
فأولهما: وصل آخر السورة بالتكبير مع الوقف عليه ثم الإتيان بالبسملة مع الوقف عليها ثم الابتداء بأول السورة.
وثانيهما: وصل آخر السورة بالتكبير مع الوقف عليه ثم الإتيان بالبسملة مع وصلها بأول السورة. وهذان الوجهان ممنوعان بين الليل والضحى.
       وأما الثلاثة المحتملة.
فأولهما: قطع الجميع، أعني الوقف علي آخر السورة، وعلي التكبير، وعلي البسملة ثم الإتيان بأول السورة التالية.
وثانيها: الوقف علي آخر السورة وعلي التكبير ووصل البسملة بأول التالية.
وثالثها: وصل الجميع أعني وصل آخر السورة بالتكبير مع وصل التكبير بالبسملة ومع وصل البسملة بأول السورة التالية.
       وإنما سميت هذه الأوجه الثلاثة محتملة لاحتمالها حصول التكبير لأول السورة وآخرها.
       وأما الوجه الثامن الممنوع فهو وصل التكبير بآخر السورة موصولا بالبسملة مع الوقف عليها. وإنما منع هذا الوجه لأن البسملة ليست لأواخر السور بل لأوائلها فلا يجوز اتصالها بالأواخر وانفصالها عن الأوائل.
       وهذه الأوجه السبعة المذكورة جائزة بين كل سورتين من سور الختم أي بين الضحى وألم نشرح، وبين ألم نشرح والتين وهكذا إلي الفلق والناس، وأما بين الليل والضحى فيجوز خمسة أوجه فقط ويمتنع الوجهان اللذان لأخر السورة إذ لاقائل بأن ابتداء التكبير من آخر الليل كما سبق.
       وأما بين الناس والحمد فيجوز خمسة أوجه فقط ويمتنع الوجهان اللذان لأول السورة إذ لا قائل بأن انتهاء التكبير أول الفاتحة والله أعلم.
 
حكم التكبير
       واقتصر بعضهم على مافي غيث النفع، والبدور الزاهرة وقد نظم المنصوري ذلك فقال:
قد كبروا في الذكر عند الختم
حكم التعود رأي أهل العلم
والنقل فيه عن رسول الله
قد صح للمكين أهل الله
كالغير في الترتيل والصلاة
بطرق القراء والهواة
عن صاحب الغيث الإمام النافع
تيسر تقريب لنشر شافع
حرصا على مافي البدو والزاهر
عبد لفتاح عليم ذاكره
فهو الولي المتقي غيث الورى
الشافعي النقشبندي كم قرا
في أمهات الكتب للقراء
أجدر به فضلا علي العلماء
ذاك ابن عبدالغني القاضي
أعطاهم المولي وعنهم راضي
هلل وكبر واحمدن البارى
لا فصل بين الكل عند القاري
 
ملحقات
في ليلة القدر ربي أنزله
                                                بالعز رتبه وزان مرتله
حسب الحوادث والوقائع قد نزل
                                                جئنا به للحق إثرا للمثل
عشرون مع ثلاثة الأعوام   
                                                أنزل علي خير الخلائق بالتمام
عن ألف ألف سبعة عشرينا
                                                ألفا من الحروف قد تأتينا
درجات عدن عدها العلماء
                                                كأحرف الذكر الحكيم سواء
في الجامع النص المبين تأتي
                                                يا قارئا أمهرت حوراً شتى
كلماته سبع تلت سبعينا
                                                ألفا ونصف الألف لا خمسينا
فنون نكرا التي في الكهف
                                                نصف حروف الذكر دون خلف
ونصفه من كلماته سمع
                                                في لفظ والجلود في الحج وقع
ونصفه أيضا من الآيات
                                                في الشعراء يأفكون آتي
ونصفه إن رمته في السور
                                                آخر سورة الحديد معتبر
ونصفه اعتبروه عشرة
                                                والغزوا فيه فحل لغزه
والناسخ والمنسوخ خمسة عشرونا
                                                منسوخه في العد أربعونا
أبياتها عشرون ها قد عدت
                                                منظومة ابن عبدالحق ذي قد ختمت
 
عدد الآي
عند أهل العد
لا خلف قل في عد سور الذكر
                                                والخلف جا في عد آي فادر
مائتان زدها أربعاً للبصري
                                                تسعة عشر مكيهم عن خبر
عشرون مع خمس فقط شاميهم
                                                عن بعضهم زد آية تقرأ لهم
زد عشرة من بعدها للكوفي
                                                نظم لأهل الرأي والمعروف
عن كل شيخ منهم قد يبدي
                                                ست من الآلاف قبل العد
 
 
*     *     *     *     *
 
الخاتمة
       ونختتم كتابنا ببعض الأدعية المأثورة، الجامعة لخيري الدنيا والآخرة، التي كان يدعوبها رسول الله r ، ويدعوبها سلفنا الصالح خصوصا عند ختم القرآن العظيم.
       "اللهم إني عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونور بصرى، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي.
       اللهم اجعل القرآن الكريم سائقنا وقائدنا إليك، وإلي جناتك جنات النعيم، ودارك دار السلام مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.
       اللهم إنك أنزلته شفاء لأوليائك، وشقاء علي أعدائك، وغما علي أهل معصيتك، فاجعله لنا دليلا علي عبادتك، وعونا علي طاعتك واجعله لنا حصنا حصينا من أعدائك، وحرزا مانعا من سخطك، ونورا يوم لقائك، نستضىء به في خلقك ونجوز به علي صراطك ونهدي به إلي جنتك.
       اللهم انفعنا بما صرفت فيه من الآيات، وذكرنا بما ضربت فيه من المثلاث، وكفر بتلاوته عنا جميع السيئات، إنك مجيب الدعوات اللهم اجعله أنيسنا في الوحشة، وقريننا في الوحدة، وسراجنا في الظلمة، ودليلنا في الحيرة، ومنقذنا من الفتنة، اللهم اعصمنا به من الزيغ والأهواء، وكيد الظالمين ومضلات الفتن.
       اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا، اللهم أهدنا وعافنا وارزقنا وتوفنا مسلمين وألحقنا بالصالحين يا أرحم الراحمين.
       وصلي الله على سيدنا محمد خير الأنام وعلي آله البررة الكرام، مصابيح الظلام أفضل التحية والسلام وسلم تسليما كثيراً والحمد لله رب العالمين.
       وكان الفراغ من تأليف هذا الكتاب مساء يوم الخميس الرابع من شعبان سنة سبع وأربعمائة والف هجرية 1407هـ الثاني من ابريل سنة سبع وثمانين وتسعمائة وألف ميلادية 1987م والحمد لله رب العالمين.
 

 
المؤلفان
محمد يونس عبدالحق
المدرس بقسم تخصص القراءات بالأزهر
سابقاً
والمدرس في دار القرآن الكريم
بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية
بالكويت
 
مجاور محمد مجاور
المدرس في المعهد الديني بالكويت
والمدرس في دار القرآن الكريم
بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية
بالكويت
 
وقد قام بتصحيحه ومراجعة نظمه
فضيلة الأستاذ الدكتور عبدالستار أبوغدة
مقرر الموسوعة الفقهية
بوزارة الأوقاف والشئون الإسلامية
 

 
الفهرس
الموضوعات
الفصل الثالث: حكم لام الحرف
المد، أنواعه، حكم كل نوع
النوع الأول : مد البدل
النوع الثاني : المد المتصل
النوع الثالث : المد المنفصل
النوع الرابع : المد اللازم
وأقسام المد اللازم
القسم الأول : الكلمى المثقل
القسم الثاني : الكلمى المخفف
نظم للمد اللازم الكلمى المخفف والمثقل
المد اللازم في القرآن الكريم
القسم الثالث : الحرفى المثقل
القسم الرابع : الحرفى المخفف
نظم لعدد الحروف الهجائية
الحرفان
الحروف الثلاثية
الحروف الرباعية والخماسية
المد العارض ـ النوع الخامس للسكون العارض
حكم حرفي اللين عند الوقف
قاعدة مهمة في باب المدود
الوقف علي أواخر الكلم
الروم والإشمام
الكلمة التي يوقف عليها تنحصر في عشرة أنواع
النوع الأول
النوع الثاني
النوع الثالث
النوع الرابع
النوع الخامس
النوع السادس ـ هاء الكناية
هاء الضمير ولها سبع أحوال
الأولى
الثانية
الثالثة
الرابعة
الخامسة
السادسة
السابعة
النوع السابع
النوع الثامن
النوع التاسع
الخلاصة
النوع العاشر
الوقف والابتداء والسكت والقطع
القسم الأول الوقف الاضطراري
القسم الثاني : الوقف الاختباري
القسم الثالث : الوقف الانتظاري
القسم الرابع : الوقف الاختياري
النوع الأول ـ الوقف اللازم
النوع الثاني ـ الوقف التام
النوع الثالث ـ الوقف الكافي
النوع الرابع ـ الوقف الحسن
وقف المراقبة
الوقف النبوي
الوقف على قوله بلى ونعم
الوقف على " نعم "
الوقف على " كلا "
النوع الخامس الوقف القبيح
تقسيم الابتداء
السكت
القطع
الفصل الرابع : المقطوع والموصول : وينحصر الكلام فيه علي سبع وعشرين كلمة
إثبات حروف المد وحذفها عند الوقف
الألف
الواو
الياء
باب حكم الوقف على تاء التأنيث وهي ست عشرة كلمة
أسماء الجموع المختومة بالتاء وغيرها من الكلمات.
باب همز الوصل
الفعل الماضي الخماسي
الفعل الماضي السداسي
فعل الأمر الذي ماضيه خماسي
فعل الأمر الذي ماضيه سداسي
فعل الأمر الذي ماضي ثلاثي
تفتح همزة الوصل في الأسماء في حال الاستفهام
حكم همز الوصل من حيث حركتها
حكم همزة الوصل وهمزة الاستفهام في كلمة
ما يتعين علي القارئ معرفته من مذهب حفص
كيفية القراءة
باب الاستعاذة والبسملة
حكم البسملة في أثناء السورة
حكم ما بين السورتين
باب التكبير وسبب وروده
حكم التكبير
بيان من ورد عنه التكبير
صيغته
ابتداء التكبير وانتهاؤه
بيان أوجه التكبير
حكم التكبير "نظم"
ملحقات
عدد الآي عند أهل العد "نظم"
الخاتمة
 
 
[1]  آية رقم 113
[2]  آية رقم 101
[3]  آية رقم 187
[4]  آية رقم 188
[5]  آية رقم 15
[6]  آية رقم 16 في سورة القيامة.
[7]  آية رقم 114
[8]  آية رقم 17
[9]  آية رقم 49
[10]  آية رقم 116
[11] آية رقم 4
[12]  آية رقم 34
[13]  آية رقم 816
[14]  آية رقم 112 سورة البقرة .
[15]  آية رقم 25
[16]  آية رقم 4
[17]  آية رقم 12
[18]  آية رقم 45
[19]  آية رقم 11
[20]  آية رقم 42
(1)  هو مكي بن أبي طالب حموش الأندلس. ورسالته (في الوقف علي كلا) نشرت بتحقيق الدكتور أحمد فرحات .
[21] سورة الأعراف آية رقم (23) .
[22]  من قيل المنفصل .
[23] سورة الأعراف آية رقم (22) .
[24] سورة الأعراف آية رقم (189) .
[25] سورة يوسف آية رقم (25).
[26] سورة الكهف آية رقم (33).
[27] سورة النمل آية رقم (15
[28] سورة النمل آية رقم (42).
[29] سورة التحريم آية رقم (10).
[30] سورة الحجرات آية رقم (1).
[31] سورة النساء آية رقم (11).
[32] سورة التحريم آية رقم (1).
[33] سورة طه آية رقم (14).
[34] سورة البقرة آية رقم (258).
[35] سورة الأنعام آية رقم (163).
[36] سورة الأعراف آية رقم (188).
[37] سورة يوسف آية رقم (72).
[38] سورة الملك آية رقم (26).
[39] سورة النساء آية رقم (53).
[40] سورة الإسراء آية رقم (42).
[41] سورة الإسراء آية رقم (76).
[42] سورة التوبة آية رقم (18).
[43] سورة البقرة آية رقم (282).
[44] سورة القصص آية رقم (77).
[45] سورة الأنبياء آية رقم (30).
[46] سورة إبراهيم آية رقم (24).
[47] سورة البقرة آية رقم (45).
[48] سورة النحل آية رقم (30).
[49] سورة البقرة آية رقم (46).
[50] سورة البقرة آية رقم 71).
[51] سورة الزمر آية رقم(67).
[52] سورة الر عد آية رقم (39).
[53] سورة المائدة آية رقم (48).
[54] سورة البقرة آية رقم (249).
[55] سورة الدخان آية رقم (15).
[56] سورة النحل آية رقم (125).
[57] سورة الزخرف آية رقم (36
[58] سورة الإسراء آية رقم (36).
[59] سورة الأنعام آية رقم (6).
[60] سورة الحديد آية رقم (20).
[61] سورة طه آية رقم (97).
[62] سورة آل عمران آية رقم (31).
[63] سورة يوسف آية رقم (108).
[64] سورة ص آية رقم (45).
[65] سورة يوسف آية رقم (108).
[66] سورة البقرة آية رقم (71).
[67] سورة البقرة آية رقم (276).
[68] سورة المائدة آية رقم (54).
[69] سورة البقرة آية رقم (196).
[70] سورة المائدة آية رقم (1).
[71] سورة التوبة آية رقم (2).
[72] سورة يوسف آية رقم (59).
[73] سورة الأنبياء آية رقم (44).
[74] سورة مريم آية رقم (93).
[75] سورة الأنبياء آية رقم (88).
[76] سورة الحج آية رقم (35).
[77] سورة النمل آية رقم (44).
[78]  اللامات في هذه الآية حروف باعتبار صوتها ، وأسماء باعتبار معانيها.
[79] سورة لقمان الآية (14).
[80] سورة يوسف الآية (42).
[81] سورة العنكبوت الآية (45).
[82] سورة الأنعام الآية (10).
[83] سورة إبراهيم الآية (26).
[84] سورة يوسف الآية (31).
[85] سورة العنكبوت الآية (30).
[86] سورة البقرة الآية (283).
[87] سورة الأنعام آية (143) ، (144).
[88] سورة يونس آية (51) ، (91).
[89] الروض النضير للعلامة المتولي (مخطوط) .
وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية - إدارة الدراسات الإسلامية